تعد «حِطِّين» من أشهر الحروب التى خاضها «صلاح الدين» ضد
الصليبيين، بعد سلسلة من الحروب التى خاضها مثل: موقعة
«مرج العيون» سنة (574هـ) التى انتصر فيها عليهم، ثم موقعة
«مخاضة الأحزان» سنة (575هـ)، وهىمعركة فاصلة. بدأت فى
ربيع الثانى سنة (583 هـ)، بين المسلمين بقيادة صلاح الدين
الأيوبى والصليبيين. وكان صلاح الدين قد وحَّد مصر والشام
والعراق والجزيرة وجمع كلمة العرب تحت لوائه، فقرر التصدِّى
للصليبيين فوضع خطة لاستدراجهم بعيدًا عن معاقلهم وحصونهم
فانتهز فرصة تعدى الأمير رينو دوشاتيون - المعروف بأرناط -
على قوافل المسلمين والحجاج ونقضه بذلك الهدنة التى بين
المسلمين والصليبيين؛ فحرق لهم طبرية، ونفذ خطته، فجاءوه
مجتمعين ومعهم صليب الصلبوت أو الصليب الأعظم وعلى رأسهم
الملك غى ملك بيت المقدس فى خمسين ألف مقاتل، وساروا إليه
فى أرض جرداء وعرة لا كلأ فيها ولا ماء فى يوم شديد الحرارة
، فعانى الصليبيون من التعب والحر والعطش. على حين كانت
دوريات صلاح الدين تهاجمهم فى المقدمة والقلب والمؤخرة،
وتقوم بحرب إزعاج ضدهم، ثم تنسحب بسرعة، دون أن تعطيهم
فرصة للالتحام، وكان عسكر المسلمين على سفوح هضاب حطين
ينتظرون وصول الجيش الصليبى، ولما وصل الصليبيون طوَّق
صلاح الدين بجيشه الهضبة التى تمركز عليها جيش الصليبيين،
ومنع عنهم الماء، وأحرق المسلمون الأراضى المكسوة
بالأشواك، وكانت الريح مواتية فحملت إليهم حر النار والدخان.
وبدأ جيش المسلمين بالهجوم، وقاتل الفرنجة ببسالة لا نظير لها،
ولم يترك لهم المسلمون فرصة لالتقاط أنفاسهم، فهُزِم المشاة،
وفرَّ قسم من الفرسان، وطوق المسلمون خيمة الملك غى،
ودكوها، وأسروا الملك وجميع الأمراء والفرسان الصليبيين
وعددًا كبيرًا من رجالاتهم وقادتهم، فأكرم صلاح الدين
ضيافتهم، وسقى مليكهم الماء المثلج. ثم شرع صلاح الدين فى