قبل وفاته: «اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا»، ثم

على «عبيدالله بن زياد» الآمر المباشر بقتاله، أما «يزيد بن أبى

سفيان» فإنه - وإن لم يأمر بقتل «الحسين»، ولم يسعد بذلك - كان

يجب أن تكون أوامره صريحة بعدم قتال «الحسين»، لاسيما أن أباه

«معاوية» قد أوصاه بذلك.

ثورة الخوارج:

استأنف الخوارج نشاطهم على نحو أعنف بعد وفاة «معاوية» سنة

(60هـ)، فأرسل إليهم «يزيد بن معاوية» حملة بقيادة «عبيدالله بن

زياد»، فتصدى لهم بقوة، ثم ازدادت ثوراتهم بعد وفاة «يزيد» سنة

(64هـ)، مستغلِّين فى ذلك حالة الفوضى التى سادت «العراق».

وكان يمكن لعهد «يزيد» أن يكون امتدادًا لعهد أبيه، استقرارًا

واستتبابًا، لولا عدة حوادث خطيرة، عكَّرت صفو الأمة الإسلامية،

وألقت بظلال سوداء على عهد «يزيد»، وطمست إنجازاته، منها:

حادثة استشهاد «الحسين بن على» - رضى الله عنهما - فى

«كربلاء» سنة (61هـ) وغزو «المدينة المنورة» سنة (63هـ) لقمع

الثورة التى قام بها أهلها ضده دون سبب قوى، ثم غزو «مكة

المكرمة» للقضاء على دولة «عبدالله بن الزبير» سنة (64هـ).

ولم تطل أيام «يزيد»، فقد توفى فى شهر ربيع الأول سنة (64هـ)،

وهو فى الثامنة والثلاثين من عمره وتولى بعده الخلافة ابنه معاوية

بن يزيد وهو «معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان»، وأمه «أم

هاشم بنت أبى هاشم بن عتبة بن ربيعة»، ومع أنه لم ينهض بعمله

باعتباره خليفة، فإنه أخذ مكانه فى سلسلة خلفاء الدولة الأموية،

ويسميه بعض المؤرخين «معاوية الثانى»؛ لأن أباه قد عهد إليه

بالخلافة بعده، طبقًا لنظام الوراثة الذى أسسه جده «معاوية»، وقد

بايعه الناس بعد وفاة أبيه، لكنه أعلن فى صراحة أنه عاجز عن

النهوض بمسئولية الخلافة، وعليهم أن يبحثوا عن شخص كفء من

أهل الصلاح والتقوى لتحمل عبء مسئولية منصب الخلافة.

ولم تطل حياة ذلك الشاب الورع، حيث تُوفِّى بعد أبيه «يزيد» بنحو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015