شرطة قط مثله، كان لا يحبس إلا فى دين - أى: من أجل مخالفة
لتعاليم الدين - وكان إذا أُتى برجل قد نقَّب على قوم وضع منقبته
فى بطنه حتى تخرج من ظهره، وإذا أُتى بنبَّاش حفر له قبرًا فدفنه
فيه، وإذا أُتى برجل قاتل بحديدة أو شهر سلاحًا قطع يده، وإذا
أتى برجل قد أحرق على قوم منزلهم أحرقه .. فكان ربما أقام
أربعين ليلة لا يؤتى بأحد - لخوف الناس منه لشدته وهيبته - فضم إليه
الحجاج شرطة البصرة مع شرطة الكوفة).
وبعد هذا الحديث الموجز عن النظم والإدارة فى العصر الأموى يمكن
القول: إن إدارة الأمويين للدولة الإسلامية كانت إدارة حسنة بصفة
عامة، تقوم على أسس ثابتة، تبغى الصالح العام، وإشاعة الأمن
والاستقرار فى الدولة المترامية الأطراف، وإن شاب ذلك بعض القصور
والأخطاء، وحسب الأمويين أنهم لم يكفُّوا عن تطوير أجهزة الدولة
ودواوينها التى كانت موجودة قبلهم، واستحدثوا غيرها حين دعت
الضرورة إلى ذلك، وأنهم بذلوا جهدًا فى التدقيق فى اختيار الولاة
والعمال والموظفين، وأحسنوا مراقبتهم ومتابعتهم، ونجحوا فى ذلك
إلى حد كبير.
طبقات المجتمع:
من يتأمل حياة المجتمع الإسلامى فى العصر الأموى يرى أنه يمكن
تقسيمه إلى خمس طبقات:
- الطبقة الأولى: الخلفاء وأبناؤهم وأفراد أسرتهم، وهؤلاء بحكم
وضعهم أصبحوا فى منزلة لا يدانيهم فيها أحد.
- الطبقة الثانية: كبار الولاة والقادة وغيرهم من كتاب الدواوين.
- الطبقة الثالثة: العلماء وإن اختلفت أجناسهم، وهذه الطبقة وإن كان
ترتيبها المرتبة الثالثة من الناحية الاجتماعية، فإن كثيرين منها كانوا
يحظون بحب الناس وتقديرهم ربما بأكثر مما يحظى به الخلفاء
والأمراء.
- الطبقة الرابعة: كبار الأثرياء والتجار ورؤساء العشائر.
- الطبقة الخامسة: عامة الناس من الزراع والحرفيين.
تطور معيشة الخلفاء الأمويين ومظهرهم:
لم يستطع خلفاء (بنى أمية) المحافظة على نمط حياة الخلفاء