ملجم» بسيف مسموم فى جبهته، فشقها فمات من أثر الضربة بعد
وقت يسير، بعد أن قضى أربع سنوات وبضعة شهور، لم يذق فيها
طعم الراحة، وحاصرته المشكلات والمتاعب، وأنهكته الحروب من كل
جانب.
خلافة الحسن بن على: (40 - 41هـ)
وبعد وفاة الإمام «على» بايع أنصاره ابنه «الحسن»، وكان «جندب
بن عبد الله» قد دخل على الخليفة بعد طعنه وتيقن ألا أمل فى حياته،
وسأله: «يا أمير المؤمنين إن فقدناك - ولا نفقدك - أنبايع للحسن؟
فقال: ما آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر»، ولم يوصِ لأحد من بعده، بل
قال لهم: «ولكن أدعو الله - تعالى- أن يجمعكم بعدى على خيركم
كما جمعنا بعد نبينا على خيرنا» -يقصد أبا بكر-، مرسخًا بذلك
قاعدة الشورى التى اتُبِعَت فى بيعته هو وبيعة الثلاثة الراشدين من
قبله.
أراد أنصار «الحسن» أن يتأهبوا لقتال «معاوية» من جديد، لكنه
رفض، ورأى عدم جدوى ذلك، بل إنه وقف ضد فكرة اقتتال
المسلمين من البداية.
راسل «الحسن» «معاوية» بشأن الصلح، فسر به سرورًا عظيمًا،
وجاء إلى «الكوفة» فى شهر ربيع الأول سنة (41هـ)، بعد ستة
أشهر من خلافة «الحسن»، وبايعه «الحسن» و «الحسين»، وتبعهما
الناس، وبهذا قامت الدولة الأموية رسميًّا، وأصبح «معاوية» خليفة
للأمة الإسلامية كلها، ولُقب لأول مرة بأمير المؤمنين، وكان يلقب قبل
ذلك بالأمير فقط.
استبشر المسلمون خيرًا بتلك المصالحة، وحمدوا الله على انتهاء
الفتنة وسفك الدماء، وسمُّوا ذلك العام «عام الجماعة»، وترك صنيع
«الحسن» صدى طيبًا عند جمهور المسلمين، وأثنى عليه كثير من
علماء أهل السنة، ورأوا فيما فعل تحقيقًا لنبوءة جده محمد - صلى
الله عليه وسلم -، الذى قال «ابنى هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين
فئتين عظيمتين من المسلمين».