هو «معاوية بن أبى سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن
عبدمناف»، وأمه «هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد
مناف»، ويلتقى نسبه من جهة أبيه وأمه مع نسب رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فى «عبد مناف»، ولُقِّب بخال المؤمنين؛
لأن أخته «أم حبيبة» أم المؤمنين كانت زوجًا للنبى - صلى الله
عليه وسلم -. وُلد قبل الهجرة بنحو خمسة عشر عامًا، وأسلم عام
الفتح، سنة (8هـ)، مع أبيه وأخيه «يزيد بن أبى سفيان» وسائر
«قريش»، وأصبح منذ أن أسلم كاتبًا من كتَّاب الوحى لرسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، وشارك فى عهد «أبى بكر الصديق»
فى حروب الردة، وفى فتوح الشام تحت قيادة أخيه الأكبر
«يزيد»، وأبلى فى ذلك بلاءً حسنًا. عيَّنه «عمر بن الخطاب»
واليًا على الشام كله، بعد وفاة أخيه «يزيد» سنة (18هـ)؛
لكفاءته الحربية ومهارته فى السياسة والإدارة، وظل فى ولايته
مدة خلافة «عمر»، ثم أقره «عثمان بن عفان» (24 - 36هـ) على
ولايته، فاستمر فى سياسته الحكيمة، ضابطًا لعمله، حارسًا
لحدود إمارته، متصديا بكل حزم لأعداء الإسلام، محبوبًا من
رعيته. استقبل المسلمون خلافة «معاوية» استقبالا حسنًا،
واجتمعت عليه كلمتهم، وكان هو عند حسن الظن، جديرًا
بالمنصب الجليل، خبيرًا بشئون الحكم وأمور السياسة، تدعمه فى
ذلك خبرة واسعة، وتجربة طويلة فى الإدارة وسياسة الناس،
امتدت إلى أكثر من عشرين عامًا، هى فترة ولايته على الشام،
بالإضافة إلى تمتعه بكثير من الصفات الرفيعة، التى تؤهله
ليكون رجل دولة من الطراز الأول. وقد أجمع المؤرخون على أنه
كان لمعاوية نصيب كبير من الذكاء والدهاء والسماحة والحلم
والكرم، وسعة الأفق، وقدرة فائقة على التعامل مع الناس على
قدر أحوالهم، أعداءً كانوا أم أصدقاء. وقد أفرغ «معاوية»
جهده كله، ومواهبه وطاقاته فى رعاية مصالح المسلمين
وتوطيد دعائم الدولة، ونشر الأمن والاستقرار فى ربوعها، واتبع