واستخدامهما فى البناء، وفن النقش على الخشب، ونسج القطن،
وشيدوا عدة مساجد ومبانٍ جميلة الطراز، مازال بعض مخلفاتها باقيًا
حتى الآن، ولكن الأثر العربى تغلب بعد ذلك بسبب كثرة الهجرات
العربية واستقرارها.
وقد وصل إلينا كثير من المعلومات عن هذه السلطنة من الوثائق
التاريخية المهمة وبفضل ما كتبه عنها الرحالة والجغرافيون العرب
كالمسعودى، و «الإدريسى»، و «ابن بطوطة» الذى زار مدينة «كلوة»
و «ممبسة». وقال عن الأخيرة: «إنها جزيرة كبيرة بينها وبين أرض
الساحل مسيرة يومين فى البحر، وأشجارها: الموز والليمون
والأترج، وأكثر طعام أهلها السمك والموز، والقمح يأتى لهم من
الخارج لأنهم لايزرعون. وهم شافعيون يعنون بأمور دينهم ويشيدون
المساجد من الأخشاب المتينة». وبعد أن قضى «ابن بطوطة» ليلة فى
«ممبسة» ركب البحر إلى مدينة «كلوة»، وقال عنها: «إنها مدينة
كبيرة، بيوتها من الخشب، وأكثر أهلها زنوج مستحكمو السواد،
وهم شافعيون، ويحكمها السلطان «أبو المظفر حسن»، وقد كان
فى قتال دائم مع السكان المجاورين، وعرف بتقواه وصلاحه، كما
كان محسنًا كريمًا».
ولم يكن السلطان «أبو المظفر حسن» الذى زار «ابن بطوطة» «كلوة»
فى عهده فارسى الأصل، بل كان من أصل عربى صميم، فهو من
بيت «أبى المواهب الحسن بن سليمان المطعون بن الحسن بن طالوت
المهدلى» اليمنى الأصل. وقد انتقل الحكم من البيت الفارسى إلى هذا
البيت العربى منذ عام (676هـ = 1277م)، وظل هذا البيت يحكم هذه
السلطنة حتى جاء البرتغاليون وقاموا بغزوها فى عام (1505م). وقد
ازدادت الهجرات العربية فى عهد هذا البيت العربى الحاكم فى
«كلوة»، مما جعل الطابع العربى يتغلب على الطابع الفارسى فى
مظاهر الحياة المختلفة، فاللغة الغالبة هى اللغة العربية التى كانت
تُكتَب بها سجلات «كلوة» بجانب اللغة السواحلية، كما كان المذهب
الدينى السائد هو المذهب الشافعى السُّنى وليس المذهب الشيعى،