الفصل السادس عشر

*الإسلام والسلطنات الإسلامية فى منطقة الساحل الشرقى لإفريقيا:

كما واجه المسلمون والسلطنات الإسلامية السابقة الخطر الصليبى

الحبشى فى منطقة «القرن الإفريقى»؛ واجه المسلمون والسلطنات

الإسلامية فى «مقديشيو»، وعلى طول الساحل الجنوبى الشرقى من

القارة خطرًا صليبيا آخر لا يقل خطرًا، وهو الخطر البرتغالى، ولذلك

تميزت الحركات الإسلامية سواء هنا أو هناك، بأسلوب الجهاد الذى

اتبعته حتى تحافظ على كيانها. ولاشك أن هذا الأسلوب كان من

العوامل التى أذكت الحماسة الدينية فى نفوس المسلمين، وساعدت

على نشر الإسلام فى تلك المناطق، وخير دليل على ذلك هو إسلام

قبائل «الأعفار» و «الصومال» و «الجلا»، وغيرها من القبائل الزنجية

فى بداية العصر الحديث، ثم قيام هذه القبائل بتولى عبء الدفاع عن

الإسلام سواء ضد الخطر الحبشى فى الشمال أو الخطر البرتغالى

القادم من الجنوب.

وسوف نتحدث عن السلطنات الإسلامية التى قامت على طول الساحل

الشرقى لإفريقيا، بدءًا من «مقديشيو» وحتى نهر «الزمبيرى» فى

«موزمبيق»، وتتمثل هذه السلطنات فى ثلاث هى: «سلطنة

مقديشيو» و «سلطنة بات»، و «سلطنة كلوة».

سلطنة «مقديشيو» الإسلامية (الصومال):

كانت بلاد «الصومال» تعرف فى العصور الوسطى باسم «سلطنة

مقديشيو». وينتمى الصوماليون إلى العنصر الكوشى الحامى، ومنهم

قبائل «الجَلا» و «الدناكل»، وهؤلاء اختلطوا بالعناصر السامية التى

هاجرت من جنوب بلاد العرب قبل الميلاد، وبالزنوج البانتو، وتكون

منهم «شعب الصومال». وبعد ظهور الإسلام تدفقت القبائل العربية

على تلك المنطقة، إما بهدف التجارة أو نشر الإسلام أو الإقامة فرارًا

من الانقسامات السياسية، وأقام هؤلاء المهاجرون العرب مراكز

تجارية على طول الساحل الشرقى الإفريقى؛ فى «مقديشيو»

و «براوة» و «سوفالة»، و «بات» و «ممبسة» و «مالندى» و «كلوة»

وغيرها، وعلى أيديهم نشأت معظم هذه المدن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015