فالظاهر، يدل على أنهم رضوا بنفوسهم عن نفس النبي (ص) .
والمراد: وما كان لهم أن يرغبوا بالنفوس. عن. «1» .... التي ينزلها نفسه، ويعرض فيها مهجته.
وقوله سبحانه: وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (125) وهذه استعارة ظاهرة. وذلك ان السّورة لا تزيد الأرجاس «2» رجسا، ولا القلوب مرضا، بل هي شفاء للصدور، وجلاء للقلوب ولكنّ المنافقين لما ازدادوا عند نزولها عمى وعمها، وازدادت قلوبهم ارتيابا ومرضا، حسن أن يضاف ذلك الى السورة، على طريق لأهل اللسان معروفة.
وقد استقصينا الكلام على ذلك في عدة مواضع من كتابنا الكبير. فمن أراد بلوغ أقاصي هذه الطريقة، والضرب في أقطارها، والتفسّح في أعطافها، فليتتبّع مواضعها من ذلك الكتاب بمشيئة الله.
وقوله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ [الآية 128] وهذه استعارة.
والمراد بأنفسكم هاهنا- والله أعلم- أي من جنس أنفسكم وخلقكم، لتكونوا إليه أسكن، والى القبول منه أقرب.
ويجوز أن يكون من أنفسكم أي من قبيلكم وعشيرتكم، كما يقول القائل:
فلان من أنفس بني فلان. أي من صميم أنسابهم، وليس من وسطائهم وملاصقهم.
وقد يجوز أن يكون المراد برسول من أنفسكم، أي من أشقائكم وأعزّائكم، كما يقول القائل لذي ودّه والقريب من قلبه: أنت من نفسي، وأنت من قلبي. أي أنت شقيق النفس، وقسيم القلب.
ومما يقوّي ذلك، قوله سبحانه: