أسلم فيه لرب العالمين، ووصّى بنيه به من بعده، وكذلك وصّى يعقوب بنيه به أيضا، ثمّ ختم ذلك بأنّ ما قصّه من أمرهم، وما كانوا عليه من الإسلام والتوحيد لا يعود نفعه إلّا إليهم، ولا ينتفع اليهود والنصارى بانتسابهم إليهم لمخالفتهم لهم تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (134) .

الرد على مقالتهم السابعة الآيات [135- 141]

ثم قال تعالى: وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) ، فذكر مقالتهم السابعة، وهي قول بعضهم للنّبيّ (ص) : ما الهدى إلّا ما نحن عليه، فاتّبعنا يا محمّد تهتد. وقد قالت النصارى مثل ذلك أيضا، فجمع مقال الفريقين ليرد عليهم جميعا، ثم ردّ عليهم بأمره (ص) أن يقول لهم: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً أي بل نتبع ملة إبراهيم الخالصة من الشرك الذي وقعوا فيه، وبأمره المسلمين أن يقولوا لهم:

آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ (136) ، فإن آمنوا بذلك ولم يفرقوا بين أحد من الأنبياء، فقد اهتدوا إلى الدين الذي يجمعهم، وإن لم يؤمنوا به فسيبقون على ما هم فيه من شقاق، وهذا الدين هو صبغة الله لا ما صارت إليه اليهودية والنصرانية، ثم أمر النّبيّ (ص) أن يذكر لهم أنّه إنّما يدعوهم إلى الإيمان بربهم، أفيحاجون فيه وهو ربهم جميعا، أم يقولون إنّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى، والله يعلم أنّهم لم يكونوا كذلك تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (134) .

الرد على مقالتهم الثامنة الآيات [142- 177]

ثم قال تعالى سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) ، فذكر مقالتهم الثامنة، وهي قول بعضهم بعد تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة: يا محمد، ما ولّاك عن قبلتك التي كنت عليها؟ وأنت تزعم أنك على ملّة إبراهيم ودينه، ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك. وإنّما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015