وبذلك يعرف أن تقديم آل عمران على النساء أنسب من تقديم النساء عليها.

وأمر آخر استقرأته، وهو: أنه إذا وردت سورتان بينهما تلازم واتحاد، فإن السورة الثانية تكون خاتمتها مناسبة لفاتحة الأولى للدلالة على الاتحاد.

وفي السورة المستقلة عما بعدها يكون آخر السورة نفسها مناسبا لأولها. وآخر آل عمران مناسب لأول البقرة، فإنها افتتحت بذكر المتقين، وأنهم المفلحون، وختمت آل عمران بقوله:

وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الآية 200] .

وافتتحت البقرة بقوله: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [الآية 4] وختمت آل عمران بقوله: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ [الآية 199] . ف لله الحمد على ما ألهم.

وقد ورد أنه لما نزلت: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [البقرة/ 245] .

قال اليهود: يا محمد، افتقر ربّك، فسأل القرض عباده، فنزل قوله: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ [الآية 181] (?) . فذلك أيضا من تلازم السورتين.

ووقع في البقرة حكاية عن إبراهيم:

رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ [الآية 129] . ونزل في هذه:

لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ [الآية 164] . وذلك أيضا من تلازم السورتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015