إن قيل: لم قال الله تعالى: لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (15) مع أن الشقيّ أيضا يصلاها: أي يقاسي حرها وعذابها؟
قلنا: قال أبو عبيدة: الأشقى هنا بمعنى الشقي، والمراد كلّ كافر، والعرب تستعمل أفعل في موضع فاعل ولا تريد به التفضيل، وقد سبق تقرير ذلك والشواهد عليه في سورة الروم في قوله تعالى: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الآية 27] .
وقال الزجاج: هذه نار موصوفة معيّنة، فهو درك مخصوص ببعض الأشقياء، ورد عليه ذلك بقوله تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) والأتقى يجنّب عذاب أنواع نار جهنّم كلّها، والمراد بالأتقى هنا أبو بكر الصديق (رض) بإجماع المفسّرين، ولهذا قال الزمخشري: إنّ الأشقى ليس بمعنى الشقي بل هو على ظاهره، والمراد به أبو جهل أو أميّة بن خلف. فالآية واردة للموازنة بين حالتي أعظم المؤمنين وأعظم المشركين، فبولغ في صفتيهما المتناقضتين، وجعل هذا مختصّا بالصّلى (أي بالنار) ، كأن النار لم تخلق إلا له لوفور نصيبه منها، وجاء قوله تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) على موازنة ذلك ومقابلته، مع أنّ كلّ تقي يجنّبها.