إن قيل: كيف اتصل قوله تعالى:
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (6) بما قبله؟
قلنا: لمّا كان النبأ العظيم الذي يتساءلون عنه هو البعث والنشور، وكانوا ينكرونه، قيل لهم: ألم يخلق من وعد بالبعث والنشور هذه المخلوقات العظيمة العجيبة الدّالّة على كمال قدرته على البعث؟
فإن قيل: لو كان النبأ العظيم الذي يتساءلون عنه ما ذكرتم لما قال الله تعالى: الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) :
لأنّ كفّار مكّة لم يختلفوا في أمر البعث، بل اتّفقوا على إنكاره؟
قلنا: كان فيهم من يقطع القول بإنكاره، وفيهم من يشكّ فيه ويتردّد فثبت الاختلاف لأنّ جهة الاختلاف لا تنحصر في الجزم بإثباته والجزم بنفيه.
الثاني: أنّ بعضهم صدّق به فآمن، وبعضهم كذّب به فبقي على كفره، فثبت الاختلاف بالنفي والإثبات.
الثالث: أن الضمير في يَتَساءَلُونَ وفي هُمْ عائد إلى الفريقين من المسلمين والمشركين وكلّهم كانوا يتساءلون عنه لعظم شأنه عندهم، فصدّق به المسلمون فأثبتوه، وكذّب به المشركون فنفوه.
فإن قيل: قوله تعالى: ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (39) هو جزاء الشرط فأين الشرط و «شاء» وحده لا يصلح شرطا لأنه لا يفيد