فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) [القمر] وقال عزّ من قائل: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [المنافقون: 7] .
وقالوا: خزائن السماوات الأمطار، وخزائن الأرض النبات. وقد يجوز أن يكون معنى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي طاعة السماوات والأرض ومن فيهن. كما يقال: ألقى فلان إلى فلان مقاليده، أي: أطاعه، وفوّض إليه أمره.
وعلى ذلك قول الأعشى: «1» فتى لو ينادي الشّمس ألقت قناعها أو القمر السّاري لألقى المقالدا أي لسلّم العلوّ إليه، واعتراف له به.
وقال بعض العلماء: ليس قول الشاعر هاهنا: ينادي الشمس، من النداء الّذي هو رفع الصوت، وإنّما هو من المجالسة. تقول: ناديت فلانا، إذا جالسته في النادي. فكأنه قال: لو يجالس الشمس لألقت قناعها شغفا به، وتبرّجا له. وهذا من غريب القول.
وقوله سبحانه: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الآية 67] وهاتان استعارتان.
ومعنى قبضته هاهنا أي ملك له خالص، قد ارتفعت عنه أيدي المالكين من بريّته، والمتصرّفين فيه من خليقته.
وقد ورث تعالى من عباده ما كان ملّكهم في دار الدنيا من ذلك، فلم يبق ملك إلّا انتقل، ولا مالك إلّا بطل.
وقيل أيضا: معنى ذلك أن الأرض في مقدوره، كالذي يقبض عليه القابض، فتستولي عليه كفّه، ويحوزه ملكه، ولا يشاركه فيه غيره.
ومعنى قوله تعالى: وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي مجموعات في ملكه، ومضمومات بقدرته. واليمين هاهنا بمعنى الملك. يقول القائل: هذا ملك يميني. وليس يريد اليمين الّتي هي الجارحة. وقد يعبّرون عن القوة أيضا باليمين. فيجوز على هذا التأويل أن يكون معنى قوله سبحانه:
مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي يجمع أقطارها ويطوي انتشارها بقوته، كما قال سبحانه: