بنفخ عيسى عليه السلام وإظهارا لمعجزته.
فإن قيل: لم قال تعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها [الآية 6] وخلق حواء من آدم (ع) سابق على خلقنا منه، فكيف عطفه عليه بكلمة «ثمّ» ؟
قلنا: «ثم» هنا للترتيب في الإخبار لا في الإيجاد، كما تقول لصاحبك أعطيتك اليوم كذا ثم أعطيتك أمس أكثر منه: أي ثم أخبرك بكذا، ومنه قول الشاعر:
إنّ من ساد ثمّ ساد أبوه ثمّ قد ساد قبل ذلك جدّه الثاني: أن «ثم» متعلقة بمعنى واحِدَةٍ وعاطفة عليه لا على خَلَقَكُمْ، فمعناه خلقكم من نفس واحدة، وأفردت بالإيجاد ثم شفعت بزوج. الثالث: أن «ثم» على ظاهرها، لأن الله تعالى خلق آدم ثم أخرج أولاده من ظهره كالذّر، وأخذ عليهم الميثاق ثم ردهم إلى ظهره، ثم خلق منه حواء فالمراد بقوله تعالى خلقكم خلقا يوم أخذ الميثاق دفعة واحدة، لأن هذا الخلق الّذي نحن فيه بالتوالد والتناسل.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [الآية 6] مع أن الأنعام مخلوقة في الأرض لا منزلة من السماء؟
قلنا: قيل إن الله تعالى خلق الأزواج الثمانية في الجنّة ثم أنزلها على آدم (ع) بعد إنزاله. الثاني: أن الله تعالى أنزل الماء من السماء، والأنعام لا توجد إلا بوجود النبات، والنبات لا يوجد إلا بوجود الماء، فكأن الأنعام منزلة من السماء، ونظيره قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ [الأعراف: 26] وإنما أنزل الماء الّذي لا يوجد القطن والكتان والصوف إلّا به.
فإن قيل: لم قال تعالى في وصف الّذي جاء بالصدق وصدق به: لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (35) مع أنه سبحانه وتعالى يكفّر عنهم سيّئ أعمالهم ويجزيهم بحسنها أيضا؟
قلنا: قد سبق مثل هذا السؤال وجوابه في سورة التوبة.
فإن قيل: لم قال تعالى: قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً [الآية 44] مع أنه جاء في الأخبار أن للأنبياء والعلماء