إن قيل: لم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (3) وكم من كاذب كفّار قد هداه الله تعالى فأسلم وصدق؟
قلنا: معناه لا يهديه إلى الإيمان مادام على كفره وكذبه. وقيل معناه:
لا يهديه إلى حجّة يلزم بها المؤمنين.
فإن قيل: كيف نستنتج أن في قوله تعالى: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ (4) [الآية 4] ردّا لقول من ادّعى أن له ولدا، وإبطالا لذلك، مع أنّ كل من نسب إليه سبحانه ولدا قال إنه اصطفاه من خلقه بجعله ولدا فاليهود يدّعون أنه عزير، والنصارى يدّعون أنه المسيح بن مريم عليهما السلام، وطائفة من مشركي العرب يدعون أن الملائكة بنات الله تعالى؟
قلنا: هذا إن جعل ردّا على اليهود والنصارى كان معناه لاصطفى الولد من الملائكة لا من البشر، لأنّ الملائكة أشرف من البشر بلا خلاف بين اليهود ولا بين النصارى وإن كان ردّا على مشركي العرب كان معناه لاصطفى له ولدا من جنس يخلق كل شيء يريده ليكون ولدا موصوفا لصفته، ولم يصطف من الملائكة الّذين لا يقدرون على إيجاد جناح بعوضة ولا يردّ على هذا خلق عيسى (ع) الطير لأنه ليس بعام، أو لأن معنى خلقه التقدير من الطين، ثم إنّ الله تعالى يخلقه حيوانا