أقول: ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى، لما أخبر في أول السورة السابقة، عن فرعون أنه: عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ [القصص: 4] ، افتتح هذه السورة، بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفّار، وعذّبوهم على الإيمان، بعذاب دون ما عذّب به قوم فرعون بني إسرائيل، تسلية لهم، بما وقع لمن قبلهم، وحثّا لهم على الصبر ولذلك قال تعالى في هذه السورة: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الآية 3] . وهذه أيضا من حكم تأخير سورة العنكبوت على (طسم) .
وأيضا، فلمّا كان في خاتمة «القصص» إشارة إلى هجرة النبي (ص) (?) ، وفي خاتمة هذه الإشارة إشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله تعالى: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ
[الآية 56] ، ناسب تتاليهما.