فيقرب من أن يكون استعارة، لأن «اسلك» ، ان كان بمعنى أدخل، فإن أصلها مأخوذ من إدخال السلك، وهو الخيط المستدقّ، في خروق الخرز المنظومة، فهو، إذا، يفيد إدخال الشيء في الشيء المتضايق، أو إدخاله على الوجه الشاقّ المستصعب، وعلى هذا قوله تعالى:

كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) [الشعراء] ، أي أدخلنا القرآن في قلوبهم، من جهة الأسماع على كره منها، إدخالا يشقّ وقد تقدم كلامنا على مثل هذا وكذلك قوله تعالى: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) [المدثر] ، أي ما أدخلكم فيها على كره منكم، ومشقّة عليكم، وعلى هذا قول الشاعر:

وقد سلكوك في يوم عصيب أي أدخلوك وأنت كاره له فيكون معنى قوله تعالى لموسى (ع) : اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ إن كنت على خوف وإشفاق عند مشاهدة ما قد راعك، من تلك الآيات القواهر، والأعلام البواهر.

وقوله تعالى: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ [الآية 35] .

وهذه استعارة والمراد بها تقويته على إنفاذ الأمر، وتأدية الوحي بأخيه لأنّ اشتداد العضد والساعد في القول، عبارة عن القوّة، والجلد، والقدرة على العمل ألا ترى إلى قول الشاعر:

أعلّمه الرّماية كلّ يوم فلما اشتدّ ساعده رماني ويروى، فلما «استدّ ساعده» بالسّين، والأوّل أقوى وأظهر، ولأنّ اشتداد العضد بمعنى القوة، تمكّن اليد من السطوة، وتعينها على البسطة وهذا من عجيب الكلام.

وقوله تعالى: قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا [الآية 48] .

على قراءة أهل الكوفة وهذه استعارة، لأنّ التظاهر الذي معناه المعاونة والمضافرة إنّما هو من صفات الأجسام، والسّحر عرض من الأعراض، والمراد بذلك حكاية ما قاله المشركون، في الكلام الذي جاء به نبينا (ص) ، بعد ما جاء به موسى (ع) ، من الآيات الباهرة والأعلام الظاهرة ومعنى تظاهرا أي تعاونا من طريق الاشتباه والتماثل، وكان الثاني مصدّقا للأوّل والمتأخّر مقوّيا للمتقدّم.

وقوله سبحانه: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015