المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الشعراء» «1»

أقول: وجه اتصالها بسورة «الفرقان» أنه تعالى لما أشار فيها إلى قصص مجملة بقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (35) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (36) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (37) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (38) [الفرقان] .

شرح هذه القصص، وفصّلها أبلغ تفصيل في الشعراء التي تلي «الفرقان» ، ولذلك رتبت على ترتيب ذكرها في الآيات المذكورة، فبدئ بقصة موسى (ع) «2» ، ولو رتبت على الواقع لأخرت قصة موسى كما في «الأعراف» .

فانظر إلى هذا السر اللطيف الذي منّ الله بإلهامه.

ولما كان في الآيات المذكورة قوله تعالى: وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً [الآية 38] ، زاد في «الشعراء» تفصيلا لذلك قصة قوم إبراهيم (ع) ، وقوم لوط (ع) ، وقوم شعيب (ع) .

ولما قال سبحانه في «الفرقان» :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015