لبني سليم: (لله درّكم يا بني سليم! والله لقد قاتلناكم فما أجبنّاكم، وهاجيناكم فما أفحمناكم، وسألناكم فما أبخلناكم) أي لم نصادفكم على هذه الصفات، من الجبن عند النزال، والبخل عند السؤال، والعيّ عند المقال «1» .

وعلى ذلك قول نافع «2» بن خليفة الغنويّ:

سألنا فأحمدنا ابن كلّ مرزّأ جواد وأبخلنا ابن كلّ بخيل أي وجدنا هذا محمودا، ووجدنا هذا بخيلا مذموما.

وفيما علقته عن قاضي القضاة أبي الحسين عبد الجبّار «3» بن أحمد- أدام الله توفيقه- عند قراءتي عليه كتابه الموسوم «بتقريب الأصول» في أخريات من الكلام في التعديل والتحوير، أنه لو لم يكن الأمر على ما قلناه في إغفال القلب، من أنّ المراد بذلك مصادفته غافلا وكان على ما قاله الخصوم، من أنه تعالى صدف به عن أمره، وصرفه عن ذكره، لوجب أن يقول سبحانه: «فاتّبع هواه» . لقول القائل: أعطيته فأخذ، وبسطته فانبسط، وأكرهته فأذلّ. أي كانت هذه الأفعال منه مسببة عن أفعالي به.

لأن هذا وجه الكلام في الأغلب الأعرف. فلما جاء بالواو صار كأنه قال: ولا تطع من غفل قلبه عن ذكرنا، واتّبع هواه. لأنه إذا وجد غافلا فهو الذي غفل، والفعل حينئذ له، ومنسوب إليه.

وقوله سبحانه: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (29) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015