ولقد نبهنا الله- سبحانه وتعالى- إلى أن للآخرة علامات، وأن لنهاية الدنيا معالم، ذكرت فى آيات كثيرة من كتاب الله العزيز، وفى ذلك يقول الحق- جل جلاله:
فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (البقرة: 251).
إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (?).
وتبصيرا للعباد بذلك اليوم العصيب التى تزلزل فيه أركان الأرض إيذانا بنهايتها وانتهاء الحياة على وجهها، تحدث الزلزلة الكبرى التى يتزلزل معها الكيان الإنسانى وذلك فى قول الله- جل وعز- فى سورة الزلزلة: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (2) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8). (?)
ويصف الله- خالق الخلق- وبارئ الأرض والسماء، وملك يوم الدين، هذا اليوم بيوم الفصل، ويفصّل- جل جلاله- أحداث ذلك اليوم، وما يمن به على المحسنين من عباده من حسن الجزاء، وعلى العاصين أتباع الشيطان وما يقع عليهم من عقاب، فيقول جلت قدرته، وتباركت أسماؤه: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (18) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً إلى نهاية الآية رقم 30 من سورة النبأ.
ومن الصور القرآنية التى تناول المولى فيها- جلت قدرته- وصف فزع الكون ممن فى السموات والأرض، والجبال الراسيات وهى تمر مر السحاب فى قوله تعالى: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ (سورة النحل: 87، 88).
وفى موضع آخر من الكتاب العزيز يتجلى المولى على خلقه بمزيد من المنن فى وصفه خطر هذا اليوم تذكيرا للغافلين، وتنبيها للمنكرين، وتفزيعا للكافرين فهو يوم الفزع الأكبر الذى مقداره خمسون ألف سنة فيقول- جلت قدرته: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)