لامتحان الناس وابتلائهم، وليس لتكريمهم لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ.
بعد هذا التزهيد فى زهرة الحياة الدنيا قال تعالى: وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى.
وفى هذا توجيه صاعد لما هو خير حقيقى باق، وهو رزق الله للمتقين والأبرار والمحسنين، فى جنات النعيم، وفى الدنيا بسعادة الروح وراحة الفؤاد.
الحافز الذاتى هو القوة الداخلية فى الإنسان، المحركة لعواطفه، والموجهة لإرادته، والدافعة له حتى يمارس سلوكا معينا داخليا أو خارجيا، وعن طريق تكرار ممارسة هذا السلوك تتكون العادة النفسية الباطنة، أو العادة الجسدية الظاهرة، فإذا كان هذا السلوك من نوع السلوك الخلقى كان خلقا مكتسبا، وكان المؤثر الأول فى اكتسابه هو إيجاد الحافز الذاتى لدى مكتسبه.
ولإيجاد الحافز الذاتى عدة طرق، منها الطرق التالية:
فمتى بنيت القاعدة الإيمانية الإسلامية فى أعماق كيان الإنسان استطاعت هذه القاعدة أن تهيمن على فكره وقلبه وعواطفه وإرادته، وأن تعمل على ربط إرادته بما يرضى الله تعالى، ولا يخفى ما للإرادة الحازمة فى الإنسان من تأثير على مراكز الخلق فى نفسه، وقدرة على التحكم فى أنواع سلوكه.
إن تركيز القاعدة الإيمانية الإسلامية فى الكيان الداخلى للإنسان يرتبط به اليقين المهيمن بأنه لا حكم إلا لله، وبأن الله لا يأمر إلا بالخير، ولا ينهى إلا عن الشر، وبأن مصلحة الإنسان مرتبطة بفعل ما يأمر الله به، وترك ما ينهى الله عنه. ويرتبط به أيضا اليقين بأن الله تعالى يجازى على الخير خيرا وعلى السوء سوءا، وفق قانون الحق والعدل والفضل الربانى، ويرتبط به أيضا اليقين بأن الله تعالى لا يجرى فى مقاديره لعباده إلا ما هو خير لهم، فالمؤمن يقابل مقادير الله بالرضا والتسليم فيصبر، ولا يغضب ولا يضجر، ولا يحسد ولا يستكبر، وهكذا.
فالحافز الذاتى الذى يولده الإيمان بالله واليوم الآخر وبقضاء الله وقدره حافز مؤثر وفعال جدا فى دفع كل فرد مؤمن إلى فعل الخير والالتزام به، إنه حافز محرك ودافع وحارس ورقيب ذاتى، يصاحب الإنسان الذى يملك وعيه مصاحبة دائمة، فهو معه فى جميع أوقاته، وفى جميع أحواله، إذا كان بين الناس وإذا كان فى خلواته، إذا كان منكشفا فى الأضواء وإذا كان مستترا فى الظلمات،