طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (?).
تنبه هذه الآية الكريمة إلى دلائل القدرة الإلهية فى عالم النبات الذى يزخر بالكثير من الآيات الناطقة بعظمة الخالق وجلاله. ذلك أن النباتات جميعها تتغذى وتنمو فى وجود الماء والضوء والكربون والأكسجين والهيدروجين والنيتروجين والفوسفور والكبريت والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنسيوم والحديد .. ومع أن الغذاء بهذه المواد والعناصر واحد إلا أن الأرض ينبت فيها التفاح الحلو والحنظل المر والقطن الناعم والصبار الشائك والقمح والشعير والبرتقال والليمون والنخيل والعنب والزيتون والرمان ..
تربة أرضية واحدة وعناصر غذائية واحدة وماء واحد وبذور متناهية فى الصغر تنبت آلاف الأنواع من النبات والثمار .. وتتعدد الأشكال والألوان والروائح والطعوم.
وقد ربطت الآية الكريمة بين الماء والإنبات، والماء شرط ضرورى وأساسى لعملية الإنبات، وقد تظل البذرة أو الحبة فى التربة سنوات عدة، لا تنبت ولا تتحرك إلى أن ينزل عليها الماء، فتبدأ عملية الإنبات العجيبة التى قد يجريها طفل عند ما يضع البذور فوق قطعة مبللة بالماء، وهو لا يدرى أنه يهيئ الظروف لعملية إنبات بالغة التعقيد.
إن من ينظر إلى شجرة التوت الضخمة، أو شجرة الكافور العملاقة، أو شجرة الجميز المعمرة، يجد أن بذورها الصغيرة التى لا تتجاوز الواحدة منها حجم رأس الدبوس غنية بالعمليات والمعلومات التى يعجز عن حملها أدق الحاسبات العملاقة، فقد أودع الله فى هذه البذور الدقيقة شروط إنباتها، ومواقيت خروج جذيرها ومراحل انقسامه واتجاه نموه، بالإضافة إلى نوع الغذاء المطلوب تركيبه ومتطلباته ويكمن فيها شكل الأوراق وألوانها وحجم الشجرة وتشريحها الداخلى ووظيفة كل عضو فيها، ومتى تزهر وتثمر .. وغير ذلك من بلايين البلايين من العمليات.
وأعجب ما توصل إليه العلم الحديث فى هذا المجال ملاحظة امتداد الجذر على استقامة الساق عند ما وضعت عدة أصناف من أنواع الحبوب والبذور المختلفة فى سفن الفضاء لدراستها فى منطقة انعدام الوزن، حيث لا أرض تجذب الجذر ولا شمس يتجه نحوها الساق.
وإذا توقفنا قليلا عند بعض ما جاء فى القرآن الكريم عن أشجار النخيل وثمارها- على سبيل المثال- نجد أن العلم قد كشف