موجات البحر السطحية التى تعمل بسبب ميلها كأنها مرايا عاكسة، ويتم امتصاص الجزء الباقى من الأشعة الضوئية بواسطة طبقات مياه البحر الداخلية على أبعاد معينة تحت السطح، حيث يبدأ امتصاص ألوان الطيف المرئى تباعا حسب أطوالها الموجية، فتمتص الأشعة الحمراء ذات الموجات الطويلة قريبا من سطح البحر لعدم قدرتها على اختراق الماء إلى أعماق كبيرة، وفى أغلب الأحيان يتم امتصاص الأشعة الحمراء فى العشرين مترا الأولى تحت سطح البحر، ويحدث عندئذ ما يمكن أن نسميه «إظلام اللون الأحمر»، ونعنى به انعدام رؤية الأجسام الحمراء. فلو كان هناك غواص يسبح على عمق حوالى 20 مترا فإنه لا يرى الدم الذى ينزف من جرح فى يده مثلا.
ويتوالى بعد ذلك امتصاص باقى ألوان الطيف المرئى: البرتقالى، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلى، البنفسجى، وتتكون ظلمات الألوان بعضها فوق بعض، ويتلاشى أثر الضوء بعد ذلك، بحيث يخيم الظلام الدامس فى المناطق اللجية (أى العميقة) من البحر أو المحيط، ولا يستطيب العيش هناك إلا لكائنات حية عمياء لا حاجة لها إلى عيون
الإبصار، مثل حيوان الإسفنج وبعض أنواع الأسماك.
ولقد أمكن التأكد عمليا من هذه الحقائق العلمية عام 1934 م بعد أن تمكن عالمان أمريكيان من تصميم كرة معدنية تتحمل ضغوطا عالية، بها نافذة من البلور السميك محكمة القفل، ليهبط بها إلى قاع البحر على أغوار بعيدة، وليدرسا طبيعة الأحياء الموجودة هناك بالقرب من جزيرة برمودا فى المحيط الأطلسى، حيث لاحظا اختفاء الضوء الأحمر عند عمق نحو 18 مترا، والأصفر على عمق 100 متر، وتلاشى الجزء الأخضر والأزرق من الطيف عند عمق 240 مترا، ثم غاصا فى ظلام دامس بين عمق 520 إلى 580 مترا.
إن هذه الحقائق العلمية القطعية تؤكد أن معجزة القرآن الخالدة تتجدد مع تقدم العلم، فمن الثابت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يغادر الجزيرة العربية ولم يسافر قط عبر تلك المحيطات العميقة حيث يذكر مثل هذا الوصف العلمى الدقيق لظلمات بعضها فوق بعض، أو يرى ما تم اكتشافه حديثا من أمواج داخلية عملاقة، من فوقها أمواج سطحية من فوقها سحاب.
قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ