فهذا التعريف قد أخرج تخصيص العام، وتقييد المطلق بالاستثناء أو بالصفة أو بالحال أو بالزمان أو بالمكان، وغير ذلك من أنواع التخصيص والتقييد.
ومعنى رفع الحكم الشرعى: قطع تعلقه بأفعال المكلفين لا رفعه هو؛ فإنه أمر واقع، والواقع لا يرتفع.
والحكم الشرعى: هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين إما على سبيل الطلب أو الكف أو التخيير. وإما على سبيل كون الشيء سببا أو شرطا أو مانعا، أو صحيحا أو فاسدا.
والدليل الشرعى: هو وحى الله مطلقا متلوا أو غير متلو، فيشمل الكتاب والسنة.
وهذا التعريف أراه جامعا لأركانه وشروطه، مانعا من دخول الغير فيهما.
وبسط ذلك فى الكتب المطولة.
واستدل جمهور العلماء على جواز النسخ بالعقل والنقل والتاريخ.
أما العقل فلا يمنع جوازه؛ لأنه لا يترتب على وقوعه محال.
والواقع التاريخى- أيضا- يؤكد وقوع النسخ بنوعيه: نسخ الشرائع السابقة بالإسلام، ونسخ الحكم فى شريعة الإسلام بحكم آخر متأخر عنه، والوقوع خير شاهد على الجواز. وقد اعتمد المجوّزون له على ثلاث آيات من القرآن الكريم:
الأولى: قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة: 106.
الثانية: قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ الرعد: 39.
الثالث: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ النحل: 101.
فإذا قرأت أكثر كتب المفسرين، وجدتهم يحملون النسخ فى آيتى البقرة والنحل على نسخ الحكم، ووجدت بعضهم يحمله على نسخ الحكم والتلاوة.
أما آية الرعد، فقد حملها أكثرهم على نسخ الشرائع، فكل شريعة تنسخ الأخرى، وشريعتنا ناسخة لجميعها، بمعنى، أنها نسخت كثيرا من الأحكام الجزئية التى لا تتفق مع مصالحنا الدنيوية والأخروية.
فالشريعة السماوية لا تنسخ الأصول العامة ولا القواعد الكلية؛ لأنها متفقة عليها، لا تختلف فيها شريعة عن أخرى.