معانى النسخ فى اللغة تدور حول: الرفع والإزالة، والنقل والتبديل والتحويل (?).
يقال: نسخت الشمس الظّلّ أى: أزالته ورفعته؛ فإن الظل لا يبقى فى ذلك المكان بعد وجود الشمس فيه.
ويقال: نسخت الكتاب، أى نقلت مثل ذلك المكتوب إلى محل آخر.
وقد استعمل القرآن الكريم مادة النسخ فى هذه المعانى وما يماثلها.
أما الرفع والإزالة فقد جاء فى قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة: 106. وقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ الحج: 52.
وأما النقل فقد جاء فى قوله تعالى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الجاثية: 29.
أى: ننقله بعناية ودقة، ونثبته فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
وأما التبديل والتحويل فقد جاء فى قوله تعالى: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ النحل: 101.
وقد اختلف علماء الفقه والأصول فى تعريف النسخ اختلافا كثيرا، نختار أهمها وأولاها بالقبول:
(أ) عرفه السمرقندى فى كتابه «ميزان الأصول» (?) بقوله: (هو بيان انتهاء الحكم الشرعى المطلق- الذى فى تقدير أوهامنا استمراره لولاه- بطريق التراخى) أهـ.
(ب) وعرفه الآمدى فى كتابه: «الإحكام فى أصول الأحكام» (?) فقال: (هو عبارة عن خطاب الشارع المانع من استمرار ما ثبت من حكم خطاب شرعى سابق). أهـ.
(ج) والتعريف الأشهر والأيسر أن يقال فيه: هو رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر عنه.