قربك منذ ليلتين أو ثلاثا، فأنزل الله عز وجل: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى».

وروى الواحدى (?) عن حفص بن سعيد القرشى، قال: حدثتنى أمى عن أمها خولة، وكانت خادمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. «أن جروا دخل البيت، فدخل تحت السرير فمات، فمكث نبى الله صلّى الله عليه وسلم أياما لا ينزل عليه الوحى، فقال: يا خولة ما حدث فى بيتى؟ جبريل عليه السّلام لا يأتينى، قالت خولة، لو هيأت البيت وكنسبته فأهويت بالمكنسة تحت السرير، فإذا شىء ثقيل، فلم أزل حتى أخرجته فإذا جرو ميت، فأخذته فألقيته خلف الجدار، فجاء نبى الله صلّى الله عليه وسلم ترعد لحياه، وكان إذا نزل عليه الوحى استقبلته الرعدة، فقال: يا خولة دثرينى.

فأنزل الله تعالى: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى».

وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أن هذه القصة رواها الطبرانى بإسناد فيه من لا يعرف، ثم قال: «وقصة إبطاء جبريل بسبب كون الكلب تحت السرير مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، بل شاذ مردود بما فى الصحيح، والله أعلم» (?).

(د) أن يأتى فى الآية روايتان صحيحتان:

وكل منهما نص فى سبب نزولها، لكن فى إحداهما ما يرجحها على الأخرى مثل كونها أصح من الأخرى، أو أن راويها كان حاضرا مشاهدا للقصة بخلاف الآخر، فعندئذ يؤخذ فى سبب النزول بالرواية الراجحة دون الرواية المرجوحة.

مثال ذلك: ما ورد فى سبب نزول قول الله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا الإسراء/ 85.

فقد أخرج البخارى (?) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «بينا أنا مع النبى صلّى الله عليه وسلم فى حرث، وهو متكئ على عسيب (?) - إذ مر اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فقال: ما رابكم إليه؟ - وقال بعضهم: لا يستقبلكم بشيء تكرهونه- فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبى صلّى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامى، فلما نزل الوحى قال: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا».

وأخرج الترمذى (?) وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: «قالت قريش ليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، قال: فسألوه عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015