الجبل فى الموضعين هو الطور، يدل على ذلك قوله تعالى فى سورة البقرة 63: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
(14) ومما أبهمه الله فى كتابه من الأزمنة:
(أ) (الحين) فى قوله تعالى فى سورة إبراهيم: 25 تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها.
وفى قوله- جل شأنه- فى سورة الروم:
17. فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ.
وقوله فى سورة ص 3: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ.
وقوله فى سورة الإنسان: 1 هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً.
قال الراغب فى «مفرداته» (?): (الحين:
وقت بلوغ الشيء وحصوله، وهو مبهم المعنى، ويتخصّص بالمضاف إليه، نحو قوله تعالى:
وَلاتَ حِينَ مَناصٍ، ومن قال: حين (يعنى بغير إضافة)؛ فيأتى على أوجه:
للأجل، نحو: وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ، وللسّنة نحو قوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها، وللساعة نحو: حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وللزمان المطلق، نحو: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ- وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ.
وإنما فسر ذلك بحسب ما وجد ....
ويقال: عاملته محاينة حينا وحينا، وأحينت بالمكان أقمت به حينا، وحان حين كذا أى قرب أوانه، وحيّنت الشيء جعلت له حينا، والحين عبّر به عن حين الموت). أهـ.
(ب) أخبر الله- عز وجل- فى آيات كثيرة أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام، ولا ندرى هل هذه الأيام الستة كأيامنا هذه أم هى أيام أطول من ذلك بكثير، فهذا الإبهام يفسره- جل وعلا- بقوله:
وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ الحج: 47.
وهذا التشبيه فى الآية- أيضا- فيه إبهام لأنه أمر تقديرى تقريبى يرضى فضولنا إلى حد ما.
وهذا الإبهام يدعونا إلى التفويض فى مثل هذه الأمور؛ لأنها لا تخضع لعقولنا، ولكنها مع ذلك تفتح لنا أبوابا واسعة للتأمل والنظر فى هذا الكون الفسيح؛ لنعرف الأطوار التى مر بها، والأحوال التى لابسته منذ بدأ.
والله- عز وجل- يقول: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ العنكبوت: 20