وجوه الكلام فى اللغة: مقاصده ومعانيه.
ونظائره: أمثاله وأشباهه فى كل شىء.
وللباحثين فى علوم القرآن تعريف جامع لكل منهما يتميز به عن الآخر، بسطه ابن الجوزى- فى مقدمة كتابه: «نزهة الأعين النواظر فى علم الوجوه والنظائر» (?) - فقال:
(اعلم أن معنى الوجوه والنظائر أن تكون الكلمة واحدة، ذكرت فى مواضع من القرآن على لفظ واحد، وحركة واحدة، وأريد بكل مكان معنى غير الآخر، فلفظ كل كلمة ذكرت فى موضع نظير للفظ الكلمة المذكورة فى الموضع الآخر، وتفسير كل كلمة بمعنى غير معنى الأخرى هو الوجوه. فالنظائر: اسم للألفاظ، والوجوه: اسم للمعانى) أهـ.
وهذا التعريف للوجوه والنظائر تعريف جامع لهما فى سياج واحد مؤتلف فى الألفاظ، مختلف فى المعانى.
ومعرفة الوجوه والنظائر فى القرآن الكريم؛ وسيلة من أعظم الوسائل لفهم معانيه وفقه مقاصده ومراميه.
فلا ينبغى لمن يتصدى لعلم التفسير أن يهمل هذه الدراسة الميدانية التى تعاون فى تأصيلها علماء اللغة، وعلماء التأويل، وعلماء الأصول وغيرهم ممن كرسوا جهودهم لخدمة كتاب الله- تعالى- ونصرة دينه.
فهو علم يكشف عن مراد الله- تعالى- من كلامه العزيز فى مواضعه المختلفة بحسب ما يؤدى إليه سوابق الكلام ولواحقه؛ إذ كل لفظ فى موضع قد يختلف عن مثله فى موضع آخر أو فى عدة مواضع، فلو حمل اللفظ على معنى واحد فى كل المواضع لأدى ذلك إلى التعارض والتناقض والجهل بما وراء المعانى من المقاصد.
ولا يكفى فى نظرى أن يكون المفسر بحرا زاخرا فى اللغة العربية دون أن يكون علّامة فى الحديث والفقه والأصول وغيرها من العلوم التى يحتاج إليها أحيانا فى التصحيح والترجيح والتنقيح.
ولا ريب أن من أجاد البحث فى وجوه القرآن ونظائره، وتفقّه فيه وكان سليم المعتقد قوى الحجة- استطاع بحول الله وقوته