قال ابن جنى فى «الخصائص الكبرى»:
الإعراب: هو الإبانة عن المعانى بالألفاظ (?).
وقال ابن منظور فى «لسان العرب»: أعرب الكلام وأعرب به: بيّنه ... وعرّب منطقه: أى هذّبه من اللحن ... (?).
وقال الراغب فى «مفرداته»: ... إعراب الكلام: إيضاح فصاحته. وخصّ الإعراب فى تعارف النحويّين بالحركات والسكنات المتعاقبة على أواخر الكلم (?).
ومن هذا المنطلق اللغوى يعرّف إعراب القرآن فيقال: هو بيان معانيه باستعمال القواعد النحوية عند الحاجة إليها؛ فالإعراب فرع المعنى كما يقول علماء اللغة.
وفى القرآن معان كثيرة يتوقف فهمها على إعراب ألفاظها؛ لمعرفة الفاعل من المفعول، والصفة من الموصوف، والمبتدأ من الخبر، وغير ذلك مما يحتاج إليه المفسر فى الوقوف على المعنى المراد على وجه التحديد أو على وجه التقريب.
ويستطيع من خلال معرفة وجوه الإعراب أيضا أن يصحح من أقوال المفسرين ما يراه صحيحا، أو يرجح ما يراه راجحا؛ مستدلا على سلامة قوله بقاعدة أو بأكثر من قواعد الإعراب التى لا خلاف عليها بين المعربين.
ولا شك أن علماء النحو قد بذلوا جهودا مضنية فى وضع هذه القواعد وسبكها بدقة وفق مقتضيات اللغة.
وكان لأولهم قدم السبق فى تحريرها، وكان لمن جاء بعدهم فضل التحقيق والتطبيق.
وقد بذل المفسرون جهودا مشكورة فى استعمال هذه القواعد النحوية؛ لبيان معانى كتاب الله تعالى؛ فكانوا نعم العون للناظرين فيه على اختلاف درجاتهم فى الثقافة والفهم وتنوع مشاربهم فى العلم والمعرفة.
فعلماء البلاغة يجدون فيه بغيتهم إذا أرادوا أن يتعرفوا جمال تعبيره ورقة تصويره، وجودة نظمه وروعة بيانه، وأسرار إعجازه فى مناحيه الأربعة: البيانية، والتشريعية، والعلمية، والغيبية.
وعلماء الحديث يستعينون على فهمه بالقرآن، ويستعينون على فهم القرآن بعلم الإعراب وعلوم البلاغة.