سبيل الاستعارة لما فيه من إثبات الوصلة بين المتعاهدين» (?).
(م) التسجيع: وهذا ظاهر من فاصلتى الآيتين: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ، أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ فاتحدت الفاصلتان فى حرف النون مسبوقا بحرف مد فى الموضعين.
(ن) التذييل: وذلك فى قوله تعالى:
أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ فإنه تذييل جاء مؤكدا لما فهم من أوصاف الفاسقين.
(س) حسن النسق: حيث جاءت الجمل مرتبة ترتيبا حسنا خالية من عيوب النظم.
فقد بدأ- سبحانه- بأن له مطلق الإرادة يمثل بما شاء لما شاء. والناس إزاء هذا التمثيل ضربان: مؤمن مصدق، وكافر مستريب، وفى هذا يضل الله من يشاء وهم كثيرون، ويهدى من يشاء وهم كثيرون، ثم بين أنه لا يضل إلا الفاسقين، ثم شرع فى بيان صفات الفاسقين فبدأ بنقضهم عهد الله، وتركهم ما أمر الله به أن يؤتى، ثم عطف عليه كونهم مفسدين فى الأرض. ثم أخبر عنهم بأنهم الخاسرون.
والمتأمل يرى أن كل جزء تقدم على آخر فإنه كالسبب فيه أو أخص منه وما أتى بعده عام. أو حكم تقدمت مسبباته. فجاء التعبير محكم البناء، موصول العرى، متلاحم الفقرات.
(ع) الانسجام: وقد عرفه ابن أبى الأصبع: بأن يكون الكلام منحدرا كانحدار الماء المنسجم بسهولة سبك وعذوبة ألفاظ وسلامة تأليف، حتى يكون للكلام موقع فى النفوس وتأثير فى القلوب ما ليس لغيره وإن خلا من البديع (?).
وهذا الانسجام ينطبق على آيتينا هاتين بل ينطبق على كل موضع فى القرآن الكريم فهو وصف عام له، لم يختص به موضع دون آخر.
(ف) المجاز: هكذا عدوا المجاز من فنون البديع، وهو فى آيتنا ظاهر فى بعض مواضعها كالنقض فى الإبطال، والتوثق فى الحفاظ على عهد الله، والقطع فى الترك والوصل فى الفعل، ومن قبل هذا كان الاستحياء فى الترك أيضا.
(ص) الإدماج: وهو كما عرفه ابن أبى الأصبع (?): أن يدمج غرض فى غرض أو بديع فى بديع بحيث لا يظهر إلا أحد الغرضين: وهذا قد مر بنا فى موضعين من النص الكريم:
أحدهما: دمج التكافؤ فى المقابلة فى قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُ