ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ (?).
والواقع أن الآية الكريمة تضمنت عدة كنايات عن علاقات الأزواج بزوجاتهم.
وأول ما يفجؤنا فيها كناية «اللباس» هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ وهى كناية لطيفة تشع منها معان آسرة.
فمن معانى اللباس الستر والتجمل، والزوجة تعف زوجها وتغنيه عن الحرام، وهو يعفها ويغنيها عن التطلع إلى الحرام، وكل منهما يجمّل الآخر ويصونه ثم التعبير الكنائى بالمباشرة، ومن معانيها الملامسة والمماسة، والضم والمكاشفة والملاصقة. وكلها معان لا إسفاف فيها ولا ابتذال.
أما «الرفث» فهو كناية عن مقدمات الوطء، ومنها الكلام أيا كان ابتذاله ومجونه، لكن التعبير الكنائى عنه بالرفث فيه ستر وإخفاء لحقيقة ما يقال فى مخادع الأزواج.
إنه لفظ كنائى مهذب، يصور الواقع من وراء ستار، مخفيا قبحه وعوره.
ويكنى عنها كذلك ب «قضاء الوطر» وشاهد هذا قوله عز وجل:
لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً (?)
عبارة مهذبة شريفة، لا يحس السامع منها أى انفعال غريزى مخرج له عن مشاعره الهادئة الرزينة. ومن كنايات القرآن الكريم عن المعانى الشديدة الحساسية بالعلاقات الغرزية بين الذكور والإناث التعبير عنها بالإفضاء فى قوله تعالى:
وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (?).
إن لفظ «الإفضاء» تعبير مهذب راق عن العلاقات السرية وغير السرية، التى تكون فى حياة الأزواج.
ومن ذلك الكناية عنها بالقرب، كما جاء ذلك فى قوله تعالى:
وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ (?) وفى هذه الكناية اتساع فى المعانى المرادة، يشمل حتى مقدمات الجماع فى أثناء حيض الزوجة، حتى لا تقود تلك المقدمات إلى الوقوع فى المحظور، لأن قرب الحائض يكون سببا قويا فى الإصابة بالأمراض، وخاصة الجلدية لذلك كان النهى عن «القربان» لأن فيه تحوطا شديدا عن الوقوع فى المحظور.