والمحادة، جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه، ولا حرام إلا ما أحللتموه، نازلا منزلة من يقول:
لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة، لا النفى والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، ولم يقصد حل ما وراءه، إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
قال إمام الحرمين: و «هذا فى غاية الحسن، ولولا سبق الشافعى إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك فى حصر المحرمات فيما ذكر فى الآية» أ. هـ. ما قاله الزركشى (?).
قلت: وهذا يتوقف على ورود سبب صحيح فى نزول الآية، يقضى بأن الكفار أحلوا ما حرمته تلك الآية فجاءت الآية ردا عليهم، ولكن الزركشى لم يورد مثل هذا السبب صريحا، كما أن السيوطى فى نقله ذلك عنه لم يصرح بهذا السبب كذلك، بل نقل عبارة الزركشى بنصها كما ذكرها صاحبها فى البرهان.