الفتاوى الخاطئة، ويلبس على المؤمنين أمر دينهم، ولهذا نبه العلماء على أهمية معرفة سبب النزول من هذه الحيثية.

فقد أشار الواحدى- رحمه الله تعالى- إلى امتناع معرفة تفسير الآية، ومعرفة ما تعنيه، دون الوقوف على قصتها والعلم بسبب النزول (?).

وقال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:

«بيان سبب النزول طريق قوى فى فهم معانى القرآن» (?).

وقال ابن تيمية- رحمه الله تعالى-:

«معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب» (?).

وهناك أمثلة كثيرة من أسباب النزول توضح كيفية إزالة الإشكال فى فهم كثير من آيات القرآن الكريم، التى لم يكن يتأتى فهم معناها بدون معرفة هذه الأسباب.

ومن بين الآيات التى يتضح فيها ذلك ما يلي:

1 - قول الله تعالى: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ البقرة/ 158.

فإن ظاهر هذه الآية لم ينص على فرضية السعى بين الصفا والمروة، مما يفهم منه أن السعى بينهما مباح، من شاء فعله، ومن شاء تركه ولا حرج عليه، لأن رفع الجناح يفيد الإباحة لا الإلزام، وهذا الفهم قد تبادر إلى عروة بن الزبير بن العوام (ت 94 هـ) رحمه الله تعالى، وصرّح به لخالته أم المؤمنين الصديقة عائشة- رضى الله عنها-، فلما سمعت منه ذلك بينت له ما تفيده الآية الكريمة على الوجه الصحيح، وكان ذلك ببيان سبب نزولها. وقد أوردت الصحاح قصة طويلة فى بيان ذلك نوردها بتمامها لما فيها من الفائدة.

فعن ابن شهاب الزهرى رحمه الله تعالى:

قال عروة: «سألت عائشة رضى الله عنها، فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما فو الله ما على أحد جناح ألّا يطّوف بالصفا والمروة؟

قالت: بئس ما قلت يا ابن أختى، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت: لا جناح عليه ألّا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت فى الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية، التى كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهلّ يتحرج أن يطّوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن ذلك، قالوا: يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطّوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ الآية، قالت عائشة رضى الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015