المدة التى يستحب فيها ختم القرآن بينتها السنة المطهرة فيما رواه البخارى بسنده أن النبى صلّى الله عليه وسلم قال- فى حديث طويل- لعبد الله ابن عمرو- رضى الله عنهما: « .. وكيف تختم؟ قال: كل ليلة. فقال له: اقرأ القرآن فى كل شهر، قال: إنى أطيق أكثر من ذلك. فقال له: اقرأه فى كل سبع ليال مرة .. » وفى رواية أخرى عن عبد الله بن عمرو قال: «قال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اقرأ القرآن فى شهر. قلت إنى أجد قوة، حتى قال: فاقرأه فى سبع ولا تزد على ذلك»، وفى رواية أخرى: «أن النبى صلّى الله عليه وسلم قال له: اقرأ القرآن فى شهر. قال إنى أطيق أكثر، فما زال حتى قال فى ثلاث» (?).
ومن خلال هذه الأحاديث يتبين لنا أن عبد الله رضي الله عنه كان يقرأ القرآن فى ليلة واحدة، فقال له النبى صلّى الله عليه وسلم اقرأه فى شهر؛ لأن لا يلحقه ملل، ولتكون قراءته على تدبر وفهم، فرغب عبد الله أن يقرأ فى أقل من هذه المدة محتجا بقوته على ذلك فتدرج النبى صلّى الله عليه وسلم معه إلى أن وصل إلى سبع، ثم قال له: «ولا تزد على ذلك» لأنه رأى- والله تعالى أعلم- أن التدبر والأمن من الملل لا يكونان فى أقل من هذه المدة، فرغب عبد الله فى أن يقرأه فى أقل من ذلك، فما زال به حتى قال فى ثلاث كما جاء فى بعض الروايات.
لذلك نقول: إن المدة المعول عليها فى ختم القرآن هى استطاعة الشخص وعدم استطاعته، لأن النبى صلّى الله عليه وسلم قال لعبد الله اقرأه فى شهر، ثم أذن له أن يقرأه فى أقل من هذه المدة لاستطاعته، فلزم أن تكون الزيادة عليها مأذونا فيها عند الضعف وعند الشواغل الكثيرة التى تحول دون ختمه فى شهر، فقد أخرج ابن أبى داود عن مكحول قال: كان أقوياء أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرءون القرآن فى سبع، وبعضهم فى شهر وبعضهم فى شهرين وبعضهم فى أكثر من ذلك. وقد روى عن أبى حنيفة- رحمه الله تعالى- أنه قال:
«من قرأ القرآن فى كل سنة مرتين، فقد أدى حقه لأن النبى صلّى الله عليه وسلم عرض القرآن على جبريل فى السنة التى قبض فيها مرتين». وكذلك من نقص عن الشهر لقوته على ذلك يستحب له أن لا ينقص عن سبع لقول النبى صلّى الله عليه وسلم لعبد الله: لا تزد على ذلك، فإن حكمة هذا النهى