نسيان القرآن

ينبغى على المؤمن الحافظ للقرآن أن يتعاهده بالتلاوة والمراجعة حتى لا ينساه، لقول الرسول صلّى الله عليه وسلم: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت» (?) وقوله صلّى الله عليه وسلم:

«مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه فقرأه بالليل والنهار كمثل رجل له إبل فإن عقلها حفظها وإن أطلق عقالها ذهبت فكذلك صاحب القرآن» (?).

وجاء عن النبى صلّى الله عليه وسلم ذمّ ووعيد لمن يحفظ شيئا من القرآن ثم ينساه حيث قال: «بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل نسّى، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم بعقلها» (?) وعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

«عرضت علىّ أجور أمتى حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علىّ ذنوب أمتى فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها» (?) قال ابن جريج: وحدثت عن سلمان الفارسى قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أكبر الذنوب توافى به أمتى يوم القيامة سورة من كتاب الله كانت مع أحدهم ثم نسيها».

وقد أدخل بعض المفسرين هذا المعنى فى قوله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (124) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ

بَصِيراً (125) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى

(سورة طه الآيات 124 - 126).

قال ابن كثير: وهذا الذى قاله هذا وإن لم يكن هو المراد جميعه فهو بعضه، فإن الإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان، وعدم الاعتناء به فيه تهاون كبير، وتفريط شديد نعوذ بالله منه، ولهذا قال عليه السلام: «تعاهدوا القرآن»، وفى لفظ:

«استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم» والتفصى: التخلص.

وعن الضحاك بن مزاحم قال: «ما من أحد تعلم القرآن فنسيه إلا بذنب يحدثه لأن الله تعالى يقول: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ (سورة الشورى آية 30)، وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب (?). نسأل الله تعالى العفو والعافية منه اللهم آمين.

أ. د. السيد إسماعيل على سليمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015