ونعود إلى بيان القرينة التى تحدد المراد، فإذا ذكر الصحابى فى عبارته بعد حرف الجر (فى) شخصا أو حادثة، أو ما يماثل ذلك، كأن يقول: نزلت هذه الآية فى فلان، أو فى قوم مثلا، أو فى حادثة، كان المقصود بها ذكر سبب النزول. أما إذا ذكر بعد حرف الجر معنى تشتمل عليه الآية، أو حكما شرعيا مأخوذا منها، فالمقصود بعبارته التفسير فى هذه الحالة.
مثال ذلك، قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ المائدة/ 101.
فإنه إذا قيل: هذه الآية نزلت فى رجل (?) قال: يا رسول الله، من أبى؟ فقال: أبوك فلان. كان ذلك بيانا لسبب نزولها، وإذا قيل:
هذه الآية نزلت فى النهى عن كثرة مسائلتهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلم لأن السؤال عما لا يعنى ولا تدعو إليه الحاجة قد يكون سببا فى عنت السائل والمشقة عليه، كان ذلك تفسيرا لها وبيانا لما تشتمل عليه.
والظاهر غلبة استعمال هذه العبارة فى المعنى الثانى المراد به التفسير، ومن أجل ذلك يقول بدر الدين الزركشى رحمه الله تعالى:
«وقد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية فى كذا، فإنه يريد أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب فى نزولها» (?).
وقد سبق ذكر ما قاله ابن تيمية رحمه الله تعالى عن حكم هذا التفسير من جهة اعتباره مسندا أو غير مسند.