البليغ المشابه لما أتى به فصحاء العرب، والقراءات تستعصى على العلم أن يجعلها قاعدة يستثمرها أحد فيأتى بنتاج أدبى ذى قراءات شريفة شرف قراءات القرآن، أو تكاد. (ومن أقل القليل أن تجد نظيرا للقراءات فى أدب الفصحاء القدماء من رجال الجاهلية أو من رجال الإسلام) (?).
(وإن وجدت نظيرا كمثل المقامة القهقرية عند الحريرى فليست فى العير ولا فى النفير من يسر وشريف معنى، وروعة أسلوب، وتغذية قلوب) (?) وما ذلك إلا لأن القراءات وجه من وجوه الإعجاز، ولن يطالعك بهذا الوجه إلا القرآن. أما أثر القراءات أو تسببها فى ظهور دراسات بلاغية حولها فهذا شىء طبيعى من عادة المسلمين فى خدمة الكتاب العزيز، ومع ذلك فلا زالت تلك الدراسات قليلة (?)، مع أن الداعى إلى زيادتها ذو صوت جهير.
أثر القراءات فى تفسير القرآن الكريم أثر كبير، وهذه نماذج منه:
- قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (البقرة: 219) العفو: الفضل (?).
وقرئ بالنصب، والرفع (?) وقراءة النصب تفسر (ماذا) إذ تدل على أنها كلمة واحدة مفعول مقدم لينفقون، حتى تكون جملة السؤال فعلية لتطابق الجواب، فإن الجواب (العفو) تقديره: (أنفقوا العفو) جملة فعلية، والتطابق هو الأولى بالرعاية، فتقدير السؤال:
(أىّ شىء ننفق؟) كما تستدعيه هذه القراءة.
وقراءة الرفع تفسر (ماذا) بتفسير آخر، إذ تدل على أن (ما) كلمة، وهى مبتدأ، و (ذا) كلمة، وهى خبر، والأولى اسم استفهام، والثانية اسم موصول بمعنى الذى، وصلته الجملة التى بعده، والعائد محذوف، والتقدير (ينفقونه). فالسؤال جملة اسمية كالجواب، فتطابقا. وتقدير السؤال: ما الذى ننفقه؟، وتقدير الجواب: الذى تنفقونه العفو (?) (?).
- وقوله تعالى: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (المسد: 4) قرئ بنصب (حمالة) وبالرفع (?). أما النصب فيشير إلى أن (حمالة) بدء جملة، وإلى أن (امرأته) عطف مفرد على مفرد هو ضمير سَيَصْلى (المسد: 3) وعلى ذلك يسوغ الوقف على (وامرأته)، وينكشف أن المعنى والتقدير:
سيصلى نارا ذات لهب هو وامرأته، أعنى حمالة الحطب.
وأما الرفع فيكشف عن معنى آخر، وهو أن امرأة أبى لهب امرأة حمالة للحطب.
فامرأته مبتدأ، و (حمالة الحطب) خبر،