العاشر وجدت المرّة الأولى مشتملة على تشديد الْمَيْتَةَ (البقرة: 173)، وكسر الطاء فى فَمَنِ اضْطُرَّ (البقرة: 173)، وحذف الهمز ونقل حركته إلى النون، مع كسرها فى مِنْ أَجْلِ ذلِكَ (المائدة: 32)، وغير ذلك مما فى قراءة أبى جعفر (?).
ووجدت المرة الثانية مشتملة على إثبات الياء وقفا فى وَاخْشَوْنِ (المائدة: 3)، وفتح الفاء دون تنوين فى فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ (المائدة: 69)، وغير ذلك مما فى قراءة يعقوب (?).
ووجدت المرة الثالثة مشتملة على قراءة هُزُواً (المائدة: 57) بسكون الزاى، وهمز مفتوح بعدها، وغير ذلك مما فى قراءة خلف (?).
وتجد القرآن واحدا فى الجميع، وما الفرق بينها وبينه إلا أنها صور مختلفة له، يفترق بعضها عن بعض بما تشتمل عليه كل ختمة فى مواضع منها من وجوه تخصها، وتجعل لها صورة تفترق بها عن غيرها.
وننظر إلى القراءات التى تتوارد على الموضع القرآنى وننظر إلى القرآن فى ختمة فنقول: القراءات التى دخلت فى الختمة أجزاء دخلت فى القرآن، وهو كل لها- فالفرق بينهما هو الفرق بين الكل وأجزائه.
والقراءات التى لم تدخل فى هذه الختمة أجزاء للقرآن فى غير هذه الختمة (?).
...
أنزل الله تعالى القرآن على سبعة أحرف لتيسير تلاوته على الأمة (والراجح فى معنى الأحرف السبعة أنها سبع لغات من أفصح لغات العرب، كلغة قريش، ولغة تميم، ولغة أسد. ولكل واحد أن يقرأ بما تيسر له منها كما علّم.
ومن تعلمها وميز بعضها عن بعض استطاع أن يقرأ سبع ختمات كل ختمة على حرف.
واللغة الواحدة تشتمل على أكثر من وجه فى بعض الألفاظ، وفى بعض الأساليب، فالحرف الواحد يتسع لأكثر من قراءة تشتمل كل قراءة منها على بعض الوجوه التى تميزها مفترقة عن صورة غيرها. فمن قرأ ختمتين بقراءتين فى ظل حرف وجد- بوضوح- أن عدد القراءات يزيد عن عدد الأحرف واتضح أن الفرق بينهما هو أن القراءات فروع عن الأحرف، كفروع الشجرة، فهى منها، والشجرة أصلها. وإذا كانت هذه الزيادة فى ظل الحرف الأول مثلا فقس ذلك تجد مزيدا من القراءات والأصل واحد وهو الأحرف السبعة.