وبيانها بالشرح والتحليل والاستنباط، وذلك منهج حديث معاصر، اهتمت به كلية أصول الدين فى جامعة الأزهر، اهتماما عظيما، حيث قعّدت قواعده، وأصّلت أصوله، وخطّت منهجه الواضح من خلال جعله مادة مقررة على طلابها، ومن خلال توجيه همة طلاب الدراسات العليا فى مرحلتى الماجستير والدكتوراة لإعداد رسائل فى موضوعات هذا النوع من التفسير.
وهذه الأنواع الثلاثة التى تهتم بإفراد موضوع خاص من الموضوعات التى تتعلق بالقرآن الكريم لم تظهر فى وقت واحد، وإنما ظهرت على مراحل متدرجة، فأقدمها النوع الأول، يليه الثانى، ثم الثالث، وإن كان الثالث يضرب بجذوره فى القدم، ليصل إلى العهد النبوى، ويدل على ذلك تفسيره صلّى الله عليه وسلم للظلم المراد فى قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام: 82] بقوله تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: 13]، فقد جمع الرسول صلّى الله عليه وسلم الآيات التى تتحدث عن موضوع واحد وهو الظلم، وخرج لنا بالمعنى المراد لله- تعالى- منه فى سورة الأنعام.
ولكن هذا النوع الثالث، لم تكتمل صورته، ولم يأخذ سماته الأخيرة وشكله النهائى ومنهجه الواضح إلا فى هذا العصر الحديث على أيدى أساتذة كلية أصول الدين جامعة الأزهر كما سبق ذكره.
(ملاحظة): مصطلح التفسير الموضوعى إذا أطلق الآن لم يرد منه إلا هذا النوع الثالث، الذى نستطيع وضع تعريف له على النحو التالى:
التفسير الموضوعى هو: بيان مراد الله- تعالى- بقدر الطاقة البشرية- فى موضوع معين من موضوعات القرآن الكريم، عن طريق جمع الآيات الخاصة به، ودراستها وفق منهج خاص، يبرز لنا هدف هذا الموضوع وأبعاده، ويبين غنى الإسلام تماما عن كل منهج سواه، ويوضح أن السعادة كل السعادة فى اتباع المنهج الإلهى، والشقاء كل الشقاء فى الإعراض عنه.
تتمثل أبرز نقاط هذا المنهج فى الخطوات الآتية:
1 - اختيار الموضوع القرآنى المراد دراسته دراسة موضوعية، ووضع اسم خاص له.
2 - حصر آيات هذا الموضوع مكيها