4 - أو أن المراد من الرأى: الهوى والاستحسان، كما يفعله بعض الوعاظ، حينما يقصدون أغراضا صحيحة، فيلجئون إلى آراء خاصة، ترغيبا وترهيبا للمستمع.
5 - أو أن المراد من الرأى: الرأى القائم على ترك المأثور، والأخذ بظاهر العربية، فإن الأخذ بظاهر العربية فقط لا يكفى، بل لا بد من الاعتقاد على المأثور أولا.
كما استدل المانعون بآثار عن الصحابة والتابعين، منها:
1 - قول أبى بكر رضي الله عنه: «أى أرض تقلنى، وأى سماء تظلنى إن قلت فى آية من كتاب الله برأيى، أو بما لا أعلم». (?)
2 - وعن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: «إنما هو كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم، فمن قال بعد ذلك برأيه فما أدرى أفى حسناته يجد ذلك، أم فى سيئاته».؟ (?)
ويمكن أن يرد على هذه الآثار وما شاكلها بما يأتى:
أوّلا: إن امتناع السلف عن التفسير إنما كان فيما لا علم لهم به، أما ما كانوا يعلمونه فكانوا يقولون به ولا يكتمونه، وإلا لكانوا من الذين يكتمون العلم، والذين هددهم الله ورسوله صلّى الله عليه وسلم بالعذاب الأليم.
والدليل على ذلك:
(أ) أن كتب الحديث والتفسير مملوءة بتفاسير صحيحة عنهم.
(ب) وبدليل أن الروايات الواردة عنهم فى ذم التفسير بالرأى تنص على أن المراد التفسير بغير علم، كما جاء عن أبى بكر وغيره قوله: «بما لا علم لى».
ثانيا: أو أن امتناع من امتنع منهم كان على سبيل التورع والاحتياط، خوفا من عدم إصابة قول الحق.
ثالثا: أو أن امتناع من امتنع إنما كان لعدم وجوب ذلك عليهم، نظرا لوجود آخرين يسدون مسده، كما كانوا يفعلون مع من يطلق امرأته ثلاثا، كل منهم يدفعه للآخر.
وبناء عليه: فإن ما استدل به المانعون لا يدل لهم بحال من الأحوال.
أما القائلون بجواز التفسير بالرأى المتوافر له شروطه، فقد استدلوا لصحة مذهبهم بأدلة من القرآن والسنة، وآثار عن السلف الصالح، وبأدلة عقلية.