المشركون من ذلك أن الله ودّعه وقلاه أنزل الله تعالى قوله: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى، وذلك ردا على زعمهم الخاطئ، وثمة مرويات أخرى تعاضد ذلك فى سبب النزول، منها ما أخرجه الشيخان عن جندب أنه قال: «قالت امرأة من قريش للنبى صلّى الله عليه وسلم ما أرى شيطانك إلا قد ودعك، فنزل: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى» (?).
* وأما عن مدة فترة الوحى: فقد قال الحافظ ابن حجر: (وقع فى تاريخ أحمد بن حنبل عن الشعبى: أن مدة فترة الوحى كانت ثلاث سنين، وبه جزم ابن إسحاق، ثم قال:
(وليس المراد بفترة الوحى المقدرة بثلاث سنين- وهى ما بين نزول (اقرأ) و (يا أيها المدثر) عدم مجىء جبريل إليه، بل تأخر نزول القرآن فقط) (¬96).
ثم نقل عن السهيلى أنه قال: (جاء فى بعض الروايات المسندة أن مدة الفترة كانت سنتين ونصفا).
ثم عقب عليه بقوله: (وهذا الذى اعتمده السهيلى من الاحتجاج بمرسل الشعبى لا يثبت، وقد عارضه ما جاء عن ابن عباس أن مدة الفترة المذكورة كانت أياما) (?)، وهو يشير بهذا إلى رواية ابن سعد عن الإمام ابن عباس حيث قال: ( ......... مكث أياما بعد مجىء الوحى لا يرى جبريل) (?).
ثم حسم الحافظ الأمر بقوله- عند شرح أحاديث سبب نزول سورة (والضحى):
(والحق أن الفترة المذكورة فى سبب نزول سورة (والضحى) - غير الفترة المذكورة فى ابتداء الوحى؛ فإن تلك دامت أياما، وهذه لم تكن إلا ليلتين أو ثلاثا) (?).
* وأما عن حكمة فترة الوحى: فقد ذكر العلماء فيها وجوها عدة:
فمنها: ما ذكره الحافظ ابن حجر: (أن هذه الفترة كانت من مقدمات تأسيس أمر النبوة، ليتدرج فيه وليمرن عليه، وقد شق عليه فتوره حيث لم يكن خوطب عن الله بعد:
أنك رسوله ومبعوثه إلى عباده، فأشفق أن يكون ذلك أمرا بدئ به ثم لم يرد استمراره.
فحزن لذلك، حتى تدرج على احتمال أعباء النبوة والصبر على ثقل ما يرد عليه، فتح الله له من أمره بما فتح) (?).
ومنها: ما ذكره شيخ الإسلام العينى: من أن فتور الوحى مدة إنما كان كذلك ليذهب ما كان- عليه الصلاة والسلام- وجده من الروع، وليحصل له التشوق إلى العود).
ومنها كذلك: دلالة قاطعة على أن هذا الوحى من عند الله- تعالى- وأن التنزيل