كتب نسخة فى التفسير عن أبىّ، بإسناد قال عنه السيوطى فى «الإتقان»: «وهذا إسناد صحيح». وقد أخرج من هذه النسخة جماعة من العلماء، كالإمام أحمد فى مسنده، والحاكم فى مستدركه، وغيرهما. (?)
أما الحسن البصرى، فقد جاء فى «وفيات الأعيان»: أن شيخا من شيوخ المعتزلة، وهو عمرو بن عبيد كتب تفسيرا للقرآن عنه. (?)
ثانيا: وبناء على ما سبق، فإن ما فعله الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، حينما أمر واليه على المدينة، أبا بكر بن حزم (?) (سنة مائة)، بجمع الحديث، فكلّف أبو بكر ابن شهاب الزهرىّ بذلك، لا يعتبر الحلقة الأولى لتدوين التفسير، حتى وإن كان بابا من أبواب الحديث، فالتدوين للتفسير- وكعلم مستقل أيضا- كان سابقا لخلافة عمر بن عبد العزيز- رحمه الله.
ثالثا: ثم تأتى مرحلة ابن جريج، فقد كتب فى التفسير ثلاثة أجزاء كبار، عن ابن عباس رضى الله عنهما. (?)
رابعا: ثم خطا التفسير بعد ذلك خطوة أقرب إلى الشمولية لمعظم آيات القرآن الكريم، حيث كتب الفراء (المتوفى سنة 207 هـ) كتابا فى معانى القرآن، متتبعا آيات القرآن، حسب كتابتها فى المصحف الشريف، كما ظهر تفسير ليحيى بن سلام المتوفى سنة 200 هـ، اهتم فيه بإيراد الأخبار وتعقبها بالنقد والاختيار، كما اهتم فيه بالنواحى الإعرابية والقراءات وتوجيهها. (?)
خامسا: وما زال التفسير ينمو ويزدهر، حتى وصل إلى مرحلة الاستقصاء لكل آية من آياته، وظهر ذلك على أيدى مجموعة من العلماء، وكان من أشهرهم محمد بن جرير الطبرى المتوفى سنة 310 هـ، وتفسيره يعتبر أقدم تفسير وصل إلينا، وابن أبى حاتم المتوفى سنة 327 هـ، وابن مردويه المتوفى سنة 410 هـ، وغيرهم من الأئمة الفضلاء.
ولكن الملاحظ على هذه التفاسير التى دونت حتى هذه الفترة أنها كانت لا تهتم إلا بالمأثور فقط، ما عدا تفسير ابن جرير، فإنه كان يزيد على المأثور توجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، وذكر الإعراب والقراءات، واستنباط الأحكام وغير ذلك، فلذلك كان عظيم الفائدة.
سادسا: ثم بعد ذلك اتسعت دائرة التفسير الكامل للقرآن كله، وكثرت فيه