للبشرية، وهذا ما نراه فى عصرنا، حينما تحللت تلك العلوم من الأخلاق الربانية، فكانت نقمة ووبالا على أهلها، وعلى الدنيا كلها، والعلوم الشرعية متوقفة أيضا بدورها على القرآن الكريم، والقرآن الكريم لا يمكن الاستفادة منه- كما ذكرنا- إلا بتفسيره، فثبت من هذا أن كل كمال دينى أو دنيوى متوقف على تفسير القرآن الكريم.
التأويل لغة: مأخوذ من الأول، وهو الرجوع، قال ابن منظور: «الأول: الرجوع، آل الشيء يؤول أولا، ومآلا: رجع، وقال أبو عبيد: التأويل: المرجع والمصير». (?)
وقيل: إن التأويل مأخوذ من الإيالة، وهى السياسة، قال الزبيدى: «آل الملك رعيته يؤول إيالا: ساسهم وأحسن رعايتهم، وآل المال:
أصلحه وساسه» (?).
وعلى ذلك: فإن قلنا: إن التأويل مأخوذ من الأول، وهو الرجوع، فلأن فيه إرجاع الآية إلى ما تحتمله من المعانى، وإن قلنا: إنه مأخوذ من الإيالة وهى السياسة، فلأن المؤول يسوس الكلام، ويضعه فى معناه اللائق به.
أما استعمالات التأويل، فإنه يطلق على ما يأتى:
1 - يطلق على التفسير، وهو الإيضاح والتبيين، فيكون التفسير والتأويل بمعنى واحد، وهذا ما جرى عليه ابن جرير الطبرى فى تفسيره، حينما يقول: القول فى تأويل قوله تعالى كذا وكذا، وبقوله: اختلف أهل التأويل فى هذه الآية.
2 - ويطلق على حقيقة الشيء ذاته، ونفس المراد بالكلام، فإذا قيل: غربت الشمس، فتأويل هذا هو نفس غروبها، وهذا- فى نظر ابن تيمية رحمه الله (?) - هو لغة القرآن التى نزل بها.
3 - ويطلق على صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى معنى آخر مرجوح، وهو بهذا الإطلاق نوعان: صحيح، وفاسد.
يرى بعض العلماء أن التأويل مرادف للتفسير، ويرى الآخرون أن هناك فرقا بينهما، ولكن هؤلاء اختلفوا فى هذا الفرق.
فمنهم من يقول: إن التفسير يخالف التأويل بالعموم والخصوص، فالتفسير أعم