من أسماء سور القرآن على درجة صالحة للحجية من تواتر أو صحة أو حسن فغير مسلم، فإن الباحث المتقصى فى كتب السنة وكتب التفسير بالمأثور يدرك لا محالة أن هذا مطلب عزيز المنال، وأن أقصى ما يظفر به فى أسماء بعض السور آثار ضعيفة فردة لا ينجبر ضعفها موقوفة أو مقطوعة فى كثير من الأحيان مما يدل على أن مثل هذه الدعوى من صاحبها لو كانت قصده- رحمه الله- مجازفة.
وما أورده من حديث ابن أبى حاتم هنا أعم من المدعى، فإن أقصى ما يدل عليه ثبوت التوقيف فى خصوص ما سماه من البقرة والعنكبوت، فأما ما وراء ذلك فليس فى هذا الحديث عنه عين ولا أثر، ويزيد على ذلك أن الحديث مرسل (?).
قلت: هذا كلام جليل، غير أنه يبدو لى رجحان القول بالتوقيف وذلك لعدة قرائن:
1 - لا معنى لأن يسمى الله بعض السور دون البعض.
2 - لا يمكن القول بأن النبى صلّى الله عليه وسلم ذكر ما ذكر من أسماء السور بغرض تحديد أسمائها، وإنما ربما كان هذا لمناسبة قراءتها أو التنبيه على فضلها.
3 - أسامى سور القرآن جاءت على خلاف ما يسمى به الناس، فإن كانت السورة الأولى سميت بالفاتحة فلم تسمّ السورة الأخيرة بالخاتمة. وإن سميت بعض السور بأوائلها فلم يطّرد ذلك فى البعض الأكثر. وإن سميت بعضها بأغرب ما فيها فلم يتوافر ذلك فى كل السور. فلو عرضت سورة النمل على اجتهادات البشر لذهبوا إلى تسميتها بسورة الهدهد مثلا لأن قصته أعجب من قصة النملة، ودوره أغرب من دورها.
4 - السر الحكيم وراء أسماء السور، والمناسبة الدقيقة بين اسم السورة وموضوعها العام، ونحو ذلك من وجوه الإعجاز فى هذا الخصوص؛ كل ذلك يحيل أن تكون أسماء السور اجتهادية.
المذهب الثانى: أن أسماء السور اجتهادية، ولعلهم اعتمدوا فى هذا على عدم ورود اسم كل سورة من طريق التوقيف، وإن وقع هذا لبعض السور.
ويقول بعض المحققين: إن السور التى وردت أسماؤها بطريق التوقيف فتسميتها توقيفية، وما لم يبلغنا فى اسمها توقيف فلا يقال فيها بالتوقيف.
لقب العلماء السور القرآنية مجملة بألقاب صنفت السور إلى أربعة أصناف: