فى سورة أخرى، ولم توسم السورة بشيء من هذا كله، رغم أن ذكر شىء من ذلك عنوانا على السورة أشرف من ذكر كلمة البقرة، لولا أن لله الحكمة البالغة فى تخصيص التسمية بهذا الاسم.

بدا منها أن نكول بنى إسرائيل عن طاعة الله تعالى ورسوله موسى عليه السّلام ظهر بأقبح صوره وأغرب مناظرة فى قصة أمرهم بذبح بقرة، وحين يدور المتفكر بهذا العنوان [نكول بنى إسرائيل عن أمر الله ورسالته] على كل جزء من السورة يجد له ظلا يتفيؤا بين جنبات السورة.

تعدد أسماء السورة:

قد يكون للسورة اسم واحد وهو كثير، وقد يكون لها أكثر من اسم كسورة البقرة، يقال لها: فسطاط القرآن. لعظمها وبهائها. ويقال لها: سورة النساء العظمى لما اشتملت عليه من أحكام النساء، وكسورة المائدة، يقال لها:

سورة العقود، والمنقذة، وسورة براءة، تسمى التوبة، والفاضحة، والحافرة، والعذاب، والمقشقشة، والبحوث، والمبعثرة.

قال الزركشى: وينبغى البحث عن تعداد الأسامى، هل هو توقيفى، أو بما يظهر من المناسبات؟ فإن كان الثانى فلن يعدم الفطن أن يستخرج من كل سورة معانى كثيرة تقتضى اشتقاق أسمائها وهو بعيد. أه (?).

قلت: بل هذا من قبيل ما يظهر من المناسبات وليس على سبيل التسمية فى الغالب الأعم، بل هو من قبيل الوصف، أو الإشارة إلى خصوص معين.

أسماء السور بين التوقيف والاجتهاد:

للعلماء فى ذلك مذهبان:

المذهب الأول: أن أسماء السور توقيفية.

واستدلوا لذلك بذكر النبى صلّى الله عليه وسلم لأسماء بعض السور، كفاتحة الكتاب، وسورة البقرة، وآل عمران، والنساء، وغيرها. وبشهرة السور بأسمائها بين الصحابة- رضى الله عنهم- وتواترها بين أجيال الأمة حتى هذا الحين ...

دون أن يختلف عليها أهل قرن عن غيرهم، ولا أهل مكان عمن سواهم.

قال الإمام السيوطى (?): «وقد ثبتت أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار، ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك، ومما يدل لذلك ما أخرجه ابن أبى حاتم عن عكرمة قال: كان المشركون يقولون: سورة البقرة، سورة العنكبوت، يستهزءون بها، فنزل: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ».

وتعقبه الدكتور/ إبراهيم خليفة بقوله:

«إن كان مراد الحافظ- طيب الله ثراه- من الثبوت الذى زعم مجىء الحديث فى كل اسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015