نفوسهم وأموالهم، {اسْتَجَارَكَ} أي: استأمَنك، فأجِبْه إلى طِلْبته {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} أي: القرآن تقرؤه عليه وتذكُر له شيئاً من أمر الدين تُقيم عليه به حُجَّة الله، {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} أي: وهو آمِنٌ مُستمرّ الأمان حتى يرجع إلى بلاده وداره ومأمنِه، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} أي: إنما شَرَعْنا أمانَ مِثْلِ هؤلاء ليعلموا دين الله، وتنتشر دعوة الله في عباده.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في تفسير هذه الآية، قال: "إنسانٌ يأتيك ليسمع ما تقول، وما أُنزِل عليك، فهو آمِنٌ حتى يأتيَك فيسمعَ كلام الله، وحتى يبلغَ مأمنَه حيث جاء".
ومِن هذا كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعطي الأمان لمن جاءه، مُسترشداً أو في رسالة، كما جاءه يوم الحديبية جماعةٌ مِن الرسُل مِن قريش، منهم: عروة بن مسعود، ومِكْرَز بن حفص، وسهيل بن عمرو، وغيرهم؛ واحداً بعد واحد، يتردّدون في القضية بينه وبين المشركين، فرأَوا مِن إعظام المسلمين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما بَهَرهم وما لم يشاهدوه عند مَلِكٍ ولا قيصر، فرجعوا إلى قومهم فأخبَروهم بذلك، وكان ذلك وأمثالُه مِن أكبر أسباب هداية أكثرِهم (?).