وقال: فإِنْ قال ذلك، فما وجه تأويل هذه الآية؟
قيل: اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: نَزَلت هذه الآية في قوم كانوا إِذا قَتَل الرجُل منهم عبدَ قومٍ آخرين؛ لم يرضوا مِنْ قتيلهم بدم قاتله؛ من أجل أنه عبد حتى يَقتُلوا به سيده.
وإذا قَتَلَت المرأة من غيرهم رجلاً لم يرضوا من دم صاحبها بالمرأة القاتلة، حتى يقتلوا رجلاً من رهط المرأة وعشيرتها، فأنزل الله هذه الآية، فأعلمهم أن الذي فَرَض لهم من القِصاص أن يقتلوا بالرجل الرجل القاتل دون غيره، وبالأنثى الأنثى القاتلة دون غيرها من الرجال، وبالعبد العبد القاتلَ دون غيره من الأحرار، فنهاهم أن يتعدُّوا القاتلَ إِلى غيره في القِصاص".
ثم ذكر -رحمه الله تعالى- عدداً من الآثار في ذلك، وذكَر وجوهاً أُخرى ومناسبات عديدة ساقها بإسناده ثم قال -رحمه الله-: " .. وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالنقل العام؛ أنّ نفس الرجل قَوَدٌ قِصاصاً بنفس المرأة الحرة".
ثم قال -رحمه الله-: "وإِذا كان كذلك؛ كان بيِّناً بذلك؛ أنه لم يُرَدْ بقوله -تعالى-: ذِكْره: {الحرّ بالحرِّ والعبدُ بالعبدِ والأنثى بالأنثى} أن لا يقادَ العبد بالحرّ، وأن لا تُقتَل الأنثى بالذكر، ولا الذكر بالأنثى ... " انتهى.
قلت: أمّا حديث: "لا يُقاد مملوك من مالكه" فإِنه لا يثبُت، وانظر تفصيل ذلك في "الإِرواء" (7/ 270).
وكذا أثرُ علي -رضي الله عنه-: "من السُّنة أن لا يُقتل حُرٌّ بعبد" فهو ضعيف جداً، وانظر "الإِرواء" أيضاً (2211).