لأنه ليس صريحاً أنها فعلت ذلك بإِذن منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ بخلاف ارتحالها بعد نصف الليل؛ فقد صرحت بأنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أذن بذلك للظُّعن (?)، فمن الجائز أنها فهمت -من هذا الإِذن- الإِذن أيضاً بالرمي بليل، ولم يبلغها نهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي حفظه ابن عباس -رضي الله عنه-.

الثاني: أن هناك رخصةً بالرمي في هذا اليوم بعد الزوال ولو إِلى الليل، فيستطيع أن يتمتع بها من يجد المشقة في الرمي ضحى، والدليل حديث ابن عباس أيضاً قال: "كان النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسألُ يوم النحر بمنى؟ فيقول: لا حرج. فسأله رجل، فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال اذبح ولا حرج. قال: رميت بعد ما أمسيت؟ فقال: "لا حرج" (?). وإلى هذا ذهب الشوكاني، ومن قبله ابن حزم، قال في "المحلّى": "إِنما نهى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن رميها ما لم تطلع الشمس من يوم النحر، وأباح رميها بعد ذلك، وإن أمسى، وهذا يقع على الليل والعشي معاً".

فاحفظ هذه الرخصة؛ فإِنها تنجيك من الوقوع في ارتكاب نهي الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المتقدّم عن الرمي قبل طلوع الشمس، الذي يخالفه كثير من الحجاج بزعم الضرورة. انتهى كلام شيخنا -رحمه الله-.

قلت: وذكر بعض العلماء حديث عائشة أنها قالت: "أرسل النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأمّ سلمة ليلة النحر؛ فرمت الجمرة قبل الفجر، ثمّ مضت فأفاضت، وكان ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015