الأَْشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ الَّتِي تَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا مَتَى غَيَّرَتْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ الثَّلاَثَةِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي طَهُورِيَّتِهِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، بَل يُضَافُ إِلَى الشَّيْءِ الَّذِي خَالَطَهُ، فَيُقَال مَثَلاً: مَاءُ زَعْفَرَانٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ مُطَهِّرٌ مَا لَمْ يَكُنِ التَّغَيُّرُ عَنْ طَبْخٍ. أَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِالطَّبْخِ مَعَ شَيْءٍ طَاهِرٍ فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَلاَ التَّطَهُّرُ بِهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَاءِ غَيْرِ الْمُسْتَبْحَرِ إِذَا خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَاءِ الْقَلِيل وَالْمَاءِ الْكَثِيرِ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ قَلِيلاً أَصْبَحَ نَجِسًا، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا. وَهَؤُلاَءِ اخْتَلَفُوا فِي الْحَدِّ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، فَذَهَبَ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مِنَ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ إِذَا حَرَّكَهُ آدَمِيٌّ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ لَمْ تَسْرِ الْحَرَكَةُ إِلَى الطَّرَفِ الثَّانِي مِنْهُ، أَمَّا إِذَا سَرَتِ الْحَرَكَةُ فِيهِ فَهُوَ قَلِيلٌ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ هُوَ قُلَّتَانِ مِنْ قِلاَل هَجَرَ، مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِل الْخَبَثَ وَفِي لَفْظٍ لَمْ يَنْجُسْ (?) .