وَفَرَّقَ الأُْصُولِيُّونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ بَيَانِ التَّغْيِيرِ وَبَيَانِ التَّبْدِيل. فَقَالُوا: بَيَانُ التَّغْيِيرِ هُوَ الْبَيَانُ الَّذِي فِيهِ تَغْيِيرٌ لِمُوجِبِ اللَّفْظِ مِنَ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ إِلَى غَيْرِهِ. وَذَلِكَ كَالتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ الْمُؤَخَّرِ فِي الذِّكْرِ، كَمَا فِي قَوْل الرَّجُل لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ. وَبَيَانُ التَّبْدِيل بَيَانُ انْتِهَاءِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مُتَرَاخٍ، وَهُوَ النَّسْخُ (?)
يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّغْيِيرِ بِاخْتِلاَفِ مَوْضِعِهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
3 - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي غَيَّرَتِ النَّجَاسَةُ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَْوْصَافِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَلاَ التَّطَهُّرُ بِهِ، كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ الْمُسْتَبْحَرَ لاَ تَضُرُّهُ النَّجَاسَةُ الَّتِي لَمْ تُغَيِّرْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ الثَّلاَثَةِ.
كَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُل مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ - مِمَّا لاَ يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا كَالطِّينِ - أَنَّهُ لاَ يَسْلُبُهُ صِفَةَ الطَّهَارَةِ أَوِ التَّطْهِيرِ، إِلاَّ خِلاَفًا شَاذًّا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي الْمَاءِ الآْسِنِ.
وَأَمَّا الْمَاءُ الَّذِي خَالَطَهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ